Monday, October 4, 2010

أين ذهب بلوتو ؟
دقات جرس التليفون يعلو رنينها داخل عقلي السابح في فضاء المجموعة الشمسية بحثا عن كوكب بلوتو الضائع , أستفيق دفعة واحدة : الو
انت لسه نائمة ؟ صوت أمي ينساب من سماعة التليفون إلى أذني لتستيقظ معه  جميع حواسي : كم الساعة ؟
السابعة و الربع !
أنظر الى الساعة المجاورة لسريري , أتأكد من الوقت :منك  لله يا بلوتو
أذهب مسرعة لإيقاظ أولادي : أصحو تأخرنا , تبدأ حركة عشوائية , الجميع يتحرك بسرعة .
 أرتدي بعض الملابس على عجل  دون الاكتراث  بالنظر إلى شكلي في المرآة, أحمل حقيبتي , متوجهة إلى الباب القي على أولادي السلام معتذرة لهم : لا يوجد إفطار اليوم أتصرفوا انتم المرة دي : منك لله يا بلوتو .
أتلكأ  و ان اعبر باب المدرسة  تصطدم عيني بالزرع الموزع بعناية و إسراف على جانبي باب المدرسة و لكني أصب كل  اهتمامي في كيفية تبرير سبب تأخري عن موعد الطابور المدرسي الذي يبدأ السادسة و 45 دقيقة بينما اعبر البوابة السابعة و النصف .
تلمحني وكيل المدرسة من بعيد لتنتشلني من حيرتي ,مشيره  لي بيدها المختبئة خلف ظهرها ناحية حجرتها  حيث الدفتر ملقى على المكتب , تسللت اليه و ضعت توقيعي انتهت المسرحية , أصبحت أفهم الإشارات الغامضة أحيانا ربما تطور في الشخصية طرأ على حديثا .
اتجهت مسرعة إلى الفصل و أنا الهث , يكاد قلبي يتوقف من الإجهاد و الحركة السريعة بلا توقف , وجهي ينبأ عن صباح غاية في السوء : تنظر الي الطالبات: مين الى مزعلك يا ميس , أجيبهم بلوتو , يبدأنا في الضحك غير مستوعبين معنى ما أقول .
بعد انتهاء حصة فصل 1\5 يعلو صوت الميكرفون فصل 1\7 يتوجه إلى معمل العلوم , مستسلمة لواقع يوم مزعج أتوجه مع الفصل إلى المعمل و نحن في طريقا إلى المعمل أشاهد حركة غير عادية في المدرسة , يتوسط فناء المدرسة نافورة محاطة بأزهار من البلاستيك ملقى فيها بالونات ,أخذت  من الزينة التي أحضرتها الطالبات على حسابهن الشخصي لتزيين فصولهن , صعد فراش المدرسة وأخذها  من الفصول ليزين بها النافورة !
أكمل سيري متوجه الى المعمل , تقترب مني أمينة المعمل بطيبتها اللزجة : خذي معك الكتاب المصور الخاص بالفضاء الخارجي , أومئ برأسي علامة الموافقة , تتبع كلماتها : مكتب الوزير سيأتي  ليصور اليوم ما طرأ على المدرسة من تطور بعد دخولها ضمن مشروع تطوير مائة مدرسة حكومية تحت أشراف السيدة سوزان مبارك
أتمتم في ضيق : هو يوم باين من أوله .
تجلس الفتيات على كراسي المعمل الحديثة , أحاول تنظيمهن, يستجبن أخيرا , أسجل عنوان الدرس على السبورة البيضاء التي تم استبدال السبورة السوداء  بها
( الاجرام السماوية).
 أبدأ في سرد الدرس مستعينة بالكتاب المصور , المجرات , النجوم , الشمس, المجموعة الشمسية , الكواكب ( ابدأ في عد الكواكب عطارد , الزهرة , الارض , المريخ , المشترى , زحل , أورانوس , نبتون ) أتوقف , لدينا ثماني كواكب تحيط بنجم الشمس , تنتفض أحدى الفتيات يا ميس : أين ذهب بلوتو ؟ مازال قابع داخل صفحات كتاب المدرسة المصور الذي أعرض صفحاته عليهن بناء على طلب أمينة المعمل لأثبت لمكتب الوزير الذي سيأتي ليصور أننا لدينا وسائل تعليمية نعرضها على الطالبات .
أبدأ في توضيح الأمر للطالبات, هذا الكتاب قديم موجود منذ كان بلوتو كوكب تاسع تابع للشمس مع كواكب المجموعة الشمسية .
تنتفض طالبه أخرى واقفة في تساؤل معترضة و لماذا طردوه من بين الكواكب هل خرج عن مساره كما أخبرتنا مدرسة الدراسات الاجتماعية؟
أحاول استجماع معلوماتي عن بلوتو التي قضيت مساء أمس كله أبحث عنها لتوضيح الأمر للطالبات , تقتحم أمينة المعمل المكان علينا تتبعها الدادة حامله معها زعافة لإزالة الأتربة من على جدران المعمل تطلب من الطالبات جمع الورق الملقى على الارض تبدأ حاله من الهرج بينهن , شعور عالي بالقلق ينتابني لم أهتم بإحضار دفاتري و انا ذاهبة الى المعمل فقد حضرت متأخرة منذ بداية اليوم , أنفض رأسي في ضيق و عدم إهتمام في محاولة يائسة لتهدئة روحي القلقة  , مستجمعة كل طاقتي  لتهدئة الفتيات مرة أخرى في  محاوله جذب انتباههن لما أقول  مرة أخرى حتى أتمكن من تكملة  إلقاء الدرس على مسامعهن, ماتزال الفتاة واقفة و علامات التساؤل باقية على وجهها .
أبدأ في سرد ما قضيت طوال الليل أبحث عنه بين صفحات الانترنت لأحصل على إجابة سؤالهن........ أين ذهب بلوتو؟
لم ينحرف بلوتو عن مساره و لكن هناك إتحاد عالمي يدعى الاتحاد الفلكي لعلماء الفلك على مستوى العالم أعاد  تصنيف الكواكب و أعتبر بلوتو كوكب صغير الحجم جدا و يحمل طبيعة مختلفة عن باقي الكواكب التابعة للشمس لذلك اجتمعت أصوات هذا الاتحاد على إخراجه من بين الكواكب ليصبح عددهم ثماني كواكب و قد أثار هذا القرار الرأي العام في دول العالم المتقدم و بدأ أولياء الأمور في التساؤل كيف يوضحا لأولادهم ما حدث لبلوتو؟ و أن هذا سيحدث لهم بلبله شديدة و قاموا بتجميع توقيعات الكثير من العلماء المتخصصين و المهتمين بالأمر لتسجيل اعتراضهم على قرار الاتحاد المتعسف بشأن بلوتو و قد وقع 300 فرد على هذا البيان و تم تقديمه الى الاتحاد و اعتبروا هذا رد كافي لعدم استشارة الرأي العام في الأمر قبل اتخاذ هذا القرار حتى يمكنهم تمهيد أمر بلوتو لأولادهم قبل حذفه بهذه الطريقة الظالمة من بين كواكب المجموعة الشمسية و من المناهج الدراسية .
عند هذه النقطة لم تستطع أحدى الفتيات تحمل وقع الكلمات على روحها و أنطلقت الكلمة التي دارت داخل عقلي طوال الليل دون أن أجرأ على التصريح بها : ايه التفاهه دي كل ده علشان بلوتو طرد من كواكب المجموعة الشمسية   ؟ يفتح باب المعمل فجأة تقتحم أمينة المعمل المكان مرة أخرى أنتفض واقفة في قلق واضح : ماذا هل حضروا ؟ تهز رأسها علامة النفي : أتمم فقط على نظافة المعمل استعدادا لقدومهم ,تخرج مرة أخرى مازالت الفتاة واقفة ترافقها فتاه أخرى تنتظر أن أنتبه الى وجودها تخبرني انه بعد طرد بلوتو تم أكتشاف ثلاث كواكب جديدة لتتحقق معجزة الاية القرآنية التي تحكي عن احدى عشر كوكبا سجدوا مع الشمس و القمر ليوسف عند هذه اللحظة : أختلط علي الامر أين تلك الكواكب الثلاثة كل معلوماتي أن هناك كوكبين صغيرين بالإضافة لبلوتو تم استبعادهم من كواكب المجموعة الشمسية الثمانية لصغر حجمهم و عدم موافاتهم للمواصفات التي وضعها اتحاد الفلكيين لتوصيف أسم كوكب, حاولت توضيح ذلك للفتيات بحذر شديد لأنهن جميعا بدأن في أطلاق عبارات مثل سبحان الله , معجزة و غيرها من العبارات المماثلة التي أصبح من الصعب اختراقها هذه الأيام .
عندما وجدت الحيرة تحفر معالمها على وجوههن لم يكن أمامي سوى أطلاق تلك العبارة الأزلية : لا تربطن الاكتشافات العلمية الحديثة بالآيات القرآنية فكل يوم هناك اكتشاف جديد بالأمس كان بلوتو تاسع كوكب ألان استبعد  عن كواكب المجموعة الشمسية  و لا أحد يعلم ماذا سوف يكتشف غدا, اطلق تلك العبارة التي صرت احفظها عن ظهر قلب وأنا  اضرب كف على كف مسترجعة داخل عقلي كيف أصيب اولياء الامور في العالم الغربي بالهلع لمجرد طرد بلوتو من المجموعة الشمسية دون استشارتهم في الأمر خوفا على عقول أولادهم التي أعتادت على وجوده ضمن المجموعة الشمسية بينما نحن مازلنا نفصل ما يكتشفوه من علوم حديثة  لتصبح بنفس قياس الايات القرآنية مرهقين عقول أولادنا الصغار بأوهامنا,  خالقين حدود قوية لا يسمح لهم بالانطلاق خارجها ليصبح لهم يوما ما عقول حره تستطيع إكتشاف و ابتكار كل ما هو جديد في مجالات الحياه المختلفة .
ما تزال الطالبتان واقفتان و الحيرة تكاد تعصف بعقليهما هما و من حولهما من طالبات الفصل  و القلق يسري داخلي و أمينة المعمل تحوم حولنا تتمم على نظافة المكان الوهمية .
يدق الجرس إيذانا بانتهاء الحصة,  أتنفس الصعداء , اجمع الفتيات خارج المعمل متوجه الى فصل أخر
 و تستمر الاستعدادات للترحيب بالزائرين و يظل بلوتو قابع في الكتاب المصور بالمعمل , مطرود من المنهج الجديد و يظل السؤال يدور دون اهتمام حقيقي .................تفتح الان النافورة التاريخية بعد نجاحعملية توصيل المياه داخلها و يبدأ الماء في الاندفاع, يتطاير الرزاز في كل مكان و تستمر الحركة القلقة في انتظار قدوم مكتب الوزير.