Tuesday, August 18, 2009

الحلم الضائع


 

 

دقات التليفون المحمول يعلوا رنينها ,ابحث عنه في كل مكان داخل حقيبتي ,بين أشيائي المبعثرة في كل مكان, امضي معظم يومي في البحث عنها بدل من إنجازها , وجدته أخيرا

 من المتصل؟ إنها  أختي الكبرى من أبي !, يتسرب صوتها الدافئ الذي يملأ القلب بحضن أمومي لم اشعر به و انا استلقي بين ذراعي أمي القلق دائما , لكنه صوت يشوبه اثار نحيب هذه المره

أسألها: ماذا حدث؟!

اجابتني و هي تبكي بأن ابانا قد توفاه الله, غمغمت ببعض الكلامات الغير مفهومه و عرفت منها انه توفى صباحا و انهم الان في المستشفى لتسلم جثمانه و دفنه .

قالت: ضروري تحضري حالا , احاول جاهده ان انهي المكالمه ببعض العبارات المتداخله ,تصر لابد ان تحضري فورأ,  اجيبها كعادتي عندما اقطع على نفسي وعودا لن انفذها ايوه, اكيد, طبعا هاجي بدون أي كلمات يشوبها تحديد  لموعد الحضور لم اكن وقتها افعل ذلك عن وعي برغبتي في الفرار ,حتى رأيت أمامي صوره مماثله من البشر الذين يحترفون فن الفرار ,عرفت يومها كم هو مؤلم ان ترى صورتك في مرآة أخرى  .

ما العمل الان لا يوجد سوى فراغ لا نهاية له( ابيك توفاه الله) ,( لابد ان تحضري) , كلمات احاول جاهده ان استوعب معناهه دون جدوى ابحث عن دموع تملا القلب و تفيض من العينين , لاشئ هل سأذهب حقا ؟ لا اجد جواب , اكملت يومي, لم الغي أي موعد من مواعيد عملي اكملتها حتى النهاية, ضحكت مع زملاء عملي, امضيت يوما مثل باقي الايام لا يعكر صفاءه الروتيني  سوى سؤال واحد ظل يتردد داخل جدران عقلي المغلق دائما على ذاتي (كلمة توفاه الله هذه تعني انه لم يعد موجود؟  هل تعني ان حلم العوده لم يعد له مكان في هذه الحياه؟ .أسير كالمسحورة, أدير مفتاح شقتي الاحظ ان هناك رجل قابع داخل البيت, من هذا الرجل؟سؤال اخر بدأ يزاحم الاول و يحدث ضجيج أقوى من سابقه ,حلم ضائع اخر! حبيب! زوج! أي مسمى يحمله الان؟ منذ سنوات عديده طوقت اصبعي بخاتمه و قلبي بحلم الدفئ و الامان بين ضفتي ذراعه, لكن عبث حاولت, لم يرى تلك الطفله المزعوره التي تسكن داخل جسد أمرأة مكتملة الانوثه, تحمل جمال تصارع عليه شباب بلدتنا حتى فاز هو به و انتهى الامر , اخبرته دون وعي او اهتمام ابي توفي و سوف اذهب الى العزاء, ظهرت بعض علامات الجزع و الاهتمام على وجهه و بدأ يعرض خدماته و تطوعاته الواهيه ,لم يتحمس ابدا لظهور هذا الاب المفاجئ, اظن لا يعنيه كثيرأ اختفائه كما كان في السابق  ,لم اسمع مما قال شئ ,أخبرته أني ذاهبه وحدي , عاد الى سكونه مره اخرى يدير قنوات التليفزيون دون اكتراث كم تمنيت لحظتها ان يتلقفني بين ذراعيه ان يقول لي انا ابيك يا صغيره لا تجزعي فانا من سيبقى معك ما تبقى لنا من عمر , لكنه لم يقول شئ , ارتديت السواد و ذهبت , حيث يتقبل اهل هذا الاب المزعوم  العزاء, هل مات حقا اليوم؟ ام ميت هو منذ زمن؟ , وهناك كنت امد يدي احيانا لتقبل العزاء  ,و احيانا اخرى اقدم جسدي كله ليواسيني أحدهم, لما كل هذا التعاطف و من كل هؤلاء البشر عمي , عمتى , ابن عمي , ابنت عمي اين كانوا كل هؤلاء و لم هم موجودن الان ربما لانه لم يعد موجودا .

اجلس ساهمه بينهم جميعا تعود الي ذكرى ذلك المسن الملقى على سرير في مستشفى تمزق اهاته نياط قلبي تنهمر دموعي و تتلصص اذني لكل ما يهذي به, هذه انا فتاته الصغيره صاحبة اجمل عيون تبعث الحياه مازال يذكر بريقهما و هذه اختى الصغرى جنين يولد على لسانه و لا تراه عينه ابدا ما يزال يذكرنا لما فر بالذكرى تاركا اصحابها بلا دفئ , بلا امان .

رايته مره واحده في صغري الواعي تجلس اختى على رجليه يهدهدها, تلك الجلسه التي عوقبت عليها طوال سنوات عمرها  التي تلتها , بينما انا ظللت اللهو بعيدا استرق النظر من بعيد يطوق جسدي الى ذراعيه ,اخشى , ان افقدهما مره اخرى  أوثر سلامة الفقد الاول على لوعة الفقد للمرة الثانية ,يحاول التقرب لي ابتعد اكثر من يدريني انك ستعود لزيارتنا مرة اخرى ,ظل الفخر بأني اخترت امي و رفضته يجري على لسان كل من عاقب اختى على جلوسها على رجليه و ظللت نادمه اني لم القي بنفسي بين ذراعيه عله بقى و لم يرحل , سنوات عمر طويله ابحث عن دفئه بين البشر لكن دون ان أجده , ذهب الان بلا رجعى , لن يعود؟ لم يعد هناك جدوى من الانتظار ؟

انفض رأسي بقوه لا هو لم يمت, اباهن تلك الاخوات هو الذي مات , لكن ابى لابد يوما عائد كيف احيا بدون انتظاره ماذا على ان افعل الان ابكي و انتحب مثلهن حتى يواريه التراب و ينتهي الامر لا سوف انتظره عمري كله, سيأتي يوما يملأ قلبي دفئ و يزيح عني قلق السنين و خوفها , و لكن متى هذا اليوم ؟