Wednesday, May 29, 2013

مدرسة فعالة أم سجن من ورق

 
صراع صباحي دائم لا ينتهي مع دفتر الحضور و الانصراف , أحاول دائما اللحاق به و يحاول دائما ان يقفل بابه في وجهي ليعكر صفو يوم كامل.
هذه هي إحدى أزماتي منذ بدأت العمل في مهنة التدريس و تم تعيني في احدى قرى بلدتي حيث لا يوجد وسيلة مواصلات واضحه  الى المدرسة و هناك عند وصولي و محاولت ابداء هذا العذر تقابلني دائما عبارة و ما الذي اتى بك الى هذه المدرسة و كأني اتيت اليها بأرادتي الحرة و لم أجبر على الذهاب من قبل التوجيه الذي يحتفظ دائما بالمدارس المميزة أو القريبة من السكن للخاصة من احبائهم و اقاربهم , عندها لا تجد جواب تلقيه في وجه المسئول الرابض على الدفتر و كأنه من ممتلكاته الشخصيه يمنحه لمن يرضى عنه و يمنعه عن من يغضب عليه او عن العوام من العاملين في المدرسة.
في مدارسنا دائما يوجد خندقين لتأجيج الصراع على السلطة , خندق يتمثل في مدير المدرسة والمسئول عن شئون العاملين بالمدرسة و الذي من أهم إختصاصاته دفتر الحضور و الانصراف هذا بالاضافة الى  من يدور في فلكهما من معلمين و عاملين في الادارة المدرسية و خلافه من العمال المعلقة رقابهم بكلمه من المدير تبقيهم في العمل او تطردهم منه فيضطرون الى أداء دور المخبر لنقل أخبار  الخندق الآخر الذي يمثله المغضوب عليهم من الاطراف الاخرى المسئولة عن ادارة المدرسة و مؤيديهم من المعلمين أما  الباقي من يتجنبوا الدخول في هذا الصراع فيمكن إطلاق لقب العوام عليهم و في الغالب هؤلاء من يسحقوا تحت عجلات هذا الصراع الدائم الذي تستخدم فيه عبارات تطوير العملية التعليمية و المدرسة الفعالة لتصبح ادواتها الورقية سيف مسلط على رقاب من يخالف و يكن دفتر الحضور و الانصراف احد اهم السيوف المسلطه بدعوى الانضباط و الالتزام بالمواعيد المدرسية .
يستحضرني في هذه الدوامة الامتناهية من الصراع مفهموم المدرسة الفعالة و دور الادارة الواعية لتحقيق هذا و توفير المناخ الجيد لتفيذه مثل :
المدرسة الفاعلة هي المدرسة التي تضمن تحصيلاً عالياً لطلبتها وقادرة على تجديد ذاتها وحل مشكلاتها الداخلية، الباحثة عن تطوير مهارات الدراسة الذاتية لدى أفرادها، وهي تلك المدرسة جميلة المظهر، إدارتها واعية، تنظيمها محكم، لها رسالة واضحة تحدد من خلالها الصلاحيات لدى أفراد مجتمعها من طلبة ومعلمين وعاملين وإدارة، وهي التي تراجع خططها باستمرار وتواكب مستجدات العصر، وتعمل على توفير جو مريح من الاتصال والتواصل بين أفرادها وتستفيد من الخبرات المتاحة لتحقق نسبة عالية من الخريجين ذوي التحصيل العالي والمرتفع وتضمن لهم فرصاً للعمل أو إكمال الدراسة من خلال تطبيق ناجح للمنهاج المدرسي.
كلمات رأئعه تسمعها كثيرا في أروقة قاعة التدريب و تقرأها فيما يوزع عليك من ورق لابد ان تسجله في دفترك و تطنطن بها كلما سألك احد المتابعين المغاويرالقادمين من ديوان الوزارة  عن دور المدرسة الفعالة لكن اذا أخبرته ان من اهم اليات العمل لتحقيق المدرسة الفعالة هي روح التعاون بين العاملين في المدرسة تحت مظلة قياده واعية تستطيع استخدام صلاحياتها من اجل صالح العمل أو انه من شروط  القيادة الحكيمة الواعية أن تحرص المدرسة على إقامة علاقات عمل واضحة وسليمة مع العاملين تستند إلى رسالة واضحة للمدرسة وتتفق مع القوانين والأنظمة المرعية في النظام التربوي, وأن تحرص المدرسة على الابتعاد عن التحيز في التعامل مع أعضاء الهيئة التدريسية وطلبتها و إن تحقيق فاعلية المدرسة رهن بطبيعة أداء المعلمين والارتقاء بمستوى أدائهم وممارساتهم المهنية و نموها ( ماديا و نفسيا ) لحظتها سيتوقف تماما عن الكلام الذي له علاقة بالتطوير او طرق التربية الحديثة التي تحقق المدرسة الفعالة و سيبدأ في اللجوء الى عبارات مثل الضمير و الاخلاق و غيره من الكلمات الواسعه المطاطه التي لا تلزمه بشئ و لكن تلقي على المعلمين و باقي العاملين بالمدرسة عبأ إتباع الوائح و القوانين الادارية دون النظر الى انهم بشر يتفاعلون مع الظروف الحياتية الشائكة المتدهورة في هذه الايام و سوف يصر على عبارة ما الذي اتى بك الى هذا المكان و لما اخترت العمل في المدرسة و كأن لك حق اختيار مكان المدرسة و طبيعة العمل الذي تقوم به و هكذا يبقى الوضع على ما هو عليه و يستمر الصراع مخلفا وراءه من تفرمه عجلاته بلا عزاء.
 


Sunday, April 21, 2013

هل حقا الشارع لنا ؟


كم مر من الوقت وهي واقفة أمام مرآتها تصفف شعرها, تطلق له العنان تارة، وتارة أخرى تجمعه بمشبك الشعر؛ وكأنها تواجه العالم بدون غطاء الرأس لأول مرة.

منذ أعوام قررت أن تخلع عنها حجابها لكنها لم تقوى على مواجهة مجتمع المدرسة التي تعمل بها بدونه، فاتخذت لنفسها شكلًا مزدوجًا حيث ترتدي غطاء الرأس صباحًا أثناء عملها ثم تخلعه عنها بمجرد ابتعادها عن المنطقة المحيطه به.

حاولت كثيرًا أن تبدأ بداية جديدة في مدرسة لا تعرف أحدًا بها، ولا أحد يعرفها، حتى تستطيع أن تتخلص من هذه الحالة تمامًا وتكن هي بلا تخفي أو تلون.

إلى أن جاءت هذه اللحظة.. عندما اجتازت بنجاح الاختبار الذي يؤهلها للعمل بمدارس اللغات التجريبية، ثم ارتضت العمل في إحدى المدارس التي تبعد عن مقر سكنها بكيلومترات لتكن هذه البداية التي انتظرتها طويلا..

جمعت شعرها على شكل ذيل حصان مكتفية بأنها ستبدأ صفحة جديدة من حياتها تظهر فيها بوجهها العاري بلا رتوش أومحاولات مستميتة للتخفي حتى يتقبله مجتمع المدرسة المغلق.

تنطلق مسرعة لتصل إلى المدرسة في الموعد المحدد لبداية اليوم الدراسي، يدفعها الى الأمام حالة من البشر والتفاؤل لا حدود لها.

اعتادت السير مسرعة وهي متجهة إلى المدرسة, على أمل أن تصل في الموعد المناسب قبل غلق دفتر الحضور و الانصراف، برغم أنها نادرًا ما تصل قبل غلقه, فرحلة الذهاب إلى المدرسة طويلة ومرهقة.

" كل شىء يهون مقابل أ ن يكن لي وجهًا واحدًا" هكذا كانت تحدث نفسها دائما كلما استبد بها الارهاق أوالضيق من السؤال الذي اعتاد كل من حولها إلقاءه في وجهها بحثًا عن اسم يحدد لهم هويتها، حيث تعمدت ألا تذكر اسم " محمد" القابع في نهاية اسمها, , لم تكن تجد معنى لهذا الاصرار على معرفة هويتها الدينية.

لم يضايقها كثيرًا أنهم تعاملوا معها على أنها مسيحية، فقد كانت ترى أن الدين لله, لم تتخيل للحظة - بساذجتها المعتادة- أن هذا تصنيف لها في المدرسة والشارع يضعها في نفس الإطار الذي يوضع فيه المسيحيين, حتى جاء هذا اليوم الذي أطاح بكل اوهامها..

اعترض صبي متشرد طريقها أثناء سيرها المتعجل ملقيًا في أذنها بعض كلمات فجة تحمل في طياتها ايماءات جنسية.

 ترددت للحظات بين أن تكمل طريقها أو أن تتوقف لتلقنه درسًا حتى لا يكرر فعلته هذه مرة أخرى معها أو مع غيرها من النساء اللائي يعبرن من هذا الطريق..

تعالت داخل عقلها عبارات  مثل: " الشارع لنا" و" حقها في أن تسير آمنة في الطريق دون أن يغتصب هذا الحق هؤلاء الصبية" مقررة أن ترجع إليه وتواجهه دون أن تضع في اعتبارها ذلك التصنيف الذي وضعت فيه منذ بداية ولوجها إلى هذه المنطقة، فلم يكن موجود أصلا في معجمها العقلي حتى ذلك اليوم واستدارت متجهة إليه لتلقنه درسًا لن ينساه، أو هكذا خيل لها.

قابل الصبي مواجهتها له بعنف ملحوظ، ولم يعبأ بجرأتها أو بالاتهامات التي واجهته بها, مدعيًا أنها تتهمه بالباطل.

تجمع الناس في محاولة لفض النزاع، طالبين منها أن تحترم نفسها وتسير في طريقها تاركة أمر تأديبه لأبيه.. هذا العملاق الذي وقف بينها و بين الصبي محاولًا إنهاء الموقف دون أي رد اعتبار لها ولكم الإهانات التي ألقاها ذلك الصبي في وجهها.

أفزعها التجمهر العدائي الذي لم تستطع أن تستوعبه في لحظتها وأصابها بالارتباك، فقررت إنهاء الموقف سريعًا.

ألقت في وجه الجمع المحتشد بعض العبارت الغاضبة وهي تتحرك مسرعة هربًا من تلك المعركة الغير متكافئة بينها وبين رجال الشارع كلهم تقريبا.

أثناء سيرها المتعجل تلقفتها امرأة سمراء كانت تجلس أمام دكان بقالة في استكانه محببة, دعتها المرأة بالدخول إلى الدكان كي تشرب بعض الماء وهي تسألها بلكنه صعيدية أعادة لها ذكريات طفولتها في الصعيد حيث كانت تحيا بلا تصنيفات في براءة ظلت تحفظها داخلها غير عابئه بكل ما يحدث من تحولات خارج عالمها المغلق على ذاتها: انت منين يا بنتي؟

" أنا بشتغل مدرسة في المدرسة  دي" اجابتها في إعياء مشيره الى المدرسة.

قالت لها المرأة بنفس اللكنة الصعيدية التي اعادت لها بعضا من هدوئها:

" متخافيش إحنا مسيحيات زي بعض، خليكي هنا لحد م الجو يهدى وبعدين  روحي بسرعة.. دول ناس مجرمين يا بنتي , خدي اشربي المية دي علشان تهدي"

كانت علامات الفزع البادية على وجه المرأة تزيح حالة الهدوء التي صنعتها لكنتها الصعيدية المحببة تدرييجيا ليحل محلها غضب وحنق شديدين, يرسم خطوط الحقيقة داخل عقلها.

 هذه الجرأة الواضحة من الصبي والتجمهر العنيف من رجال الشارع ليس سببه مواجهتها له بفعلته فقط.. بل هي تلك العبارة التي ألقتها في وجهها تلك المرأة " إحنا مسيحيات زي بعض".

بدأ سؤال غاضب يعصف بها تريد أن تلقيه في وجه تلك المرأة:

أين كنت عندما كنت أواجههم وحدي.. ولم لم تأتي لتقفي إلى جواري؟

لكنها آثرت أن تلقي ببعض عبارات الشكر, وأن تكمل طريقها بنفس السرعة الأولى لتنتهي من هذا الموقف الذي أصبح ثقيلًاعلى قلبها لدرجة يصعب معها استنشاق بعض من الهواء.

أبى القدر إلا أن يكمل لها أبعاد الصورة الشائكة في هذا العالم الذي تحيا داخله بجسدها فقط مستغرقه داخل احلامها الوردية, بظهور تلك المرأة التي تختبئ داخل عربتها مستوقفه إياها:

" تعالي هوصلك لأبعد مكان عن المنطقة دي"

توقفت شاردة للحظات، حيث كان التعب والإرهاق قد استبد بكل كيانها فلم تقاوم كثيرًا وركبت معها لتواجهها الأخرى بسؤالها:

" هو كان في إيه؟"

ألقت عليها بعض عبارات مقتضبة عن تفاصيل ما حدث وهي ترقب ملامحها التي تتقلص وخطوط  الخوف التي تجد طريقها على صفحة وجهها المليح، مما زاد من ضيقها وحنقها أكثر ورغبتها في الهروب سريعًا من هذا المشهد الذي يهدم حلمها تمامًا.. بل يقتلعه من جذوره..

فبدأت في شكر المرأة وهي تخبرها أنها أصبحت أحسن الآن، وتريد أن تترجل من السيارة لتستكمل طريقها لارتبطها بمواعيد عمل وقد تأخرت عليها..

لكن المرأة أصرت على أن توصلها إلى أقرب مكان لموعدها, مخرجه لفافة من " روشتات" حصلت عليها من إحدي المستشفيات، حيث كانت تعالج من أثر أزمة قلبية أصابتها نتيجة لتعرضها لموقف مماثل، ناصحةً إياها بأن تسير في طريقها متجاهلة تلك المحاولات القبيحة للتحرش بها, فهم وحوش كاسرة تسير على الأرض وليس أمامهن طريق سوى الاختباء بعيدًا عنهم حتى يستطعن الحياة في أمان.

عند هذه النقطة فقدت قدرتها على التحمل ولم يعد أمامها سوى أحدى سبيلين: إما النزول فورًا، أو إلقاء غضبها المكبوت داخلها في وجه تلك المرأة الفزعة.  وقد اختارت الحل الأول، مصرة على أن تترجل من السيارة. فقد دنت من أقرب مكان يمكن أن يوصلها إلى موعدها..

توقفت المرأة وهي تودعها وتلقي عليها بعض من النصائح الخانعة المرتعبة.

استمرت في فرارها بعيدًا, مطلقة لقدميها العنان لتسير باقصى طاقتها يختلط داخل عقلها الصور وتزاحم بعضها بعض في محاولة يائسة علها تجد لصورتها مكان وسط الزحام.

Sunday, March 31, 2013

نظام ثانوية عامة جديد



تطالعك هذه الايام تلك التصريحات الاعلامية التي تصدر من وزير التربية و التعليم الحالي و مستشاريه عن نظام جديد للثانوية العامة يقضي على منظومة الدروس الخصوصية و يعتمد على تنمية المهارات المختلفة لدى الطالب و يقضي على حالة الغياب التام عن المدرسة و يعيد الى مدارس الثانوية العامة انتظامها الذي قضى عليه النظام السابق الذي يعتمد على ان تكون شهادة الثانوية العامة لمدة عامين هذا بالاضافة الى ان النظام الجديد يجعل شهادة الثانوية العامة شهادة منتهية يصبح حاملها مؤهل للخروج الى سوق العمل , أما من يريد ان يكمل الدراسة الجامعية عليه ان يجتاز اختبارت خاصة بكل جامعه و بهذا يقضى على بعبع درجات مكتب التنسيق!.

عند قراءت هذه الكلمات التي ستصبح سارية بداية من العام الدراسي 2015 – 2016 أي ان طلبة الصف الاول الثانوي للعام المقبل هم من سيطبق عليهم هذا النظام تأخذك الدهشة و خاصة اذا كنت من العاملين في المؤسسات التعليمية حيث تشعر ان من يتحدث عن نظام الثانوية العامة الجديد يجعل من تلك المرحلة جزيرة منعزلة تماما عن باقي المراحل التعليمية التي تسبقها و يتبادر الى عقلك عدة أسئلة منها : ما هي الاستعدادات التي اتخذتها الوزارة  لتطبيق هذا النظام ؟ و ما هي نوعية المهارات التي سوف تنميها لدى الطالب ليصبح قادرا على الخروج الى سوق العمل ؟ و كيف ستقضي على منظومة الدروس الخصوصية التي احتلت دور المدرسة كاملة هذه الايام؟

دعونا نناقش هذه التصريحات من خلال واقع مدارسنا الحكومية:

أولا تعاني المناهج التعليمية من تكدس في المحتوى التعليمي مع إفتقار واضح  لتسلسل و ترتيب  المعلومة التي تقدم للمتعلم بداية من الصف الاول الابتدائي و صولا الى الصف الثالث الثانوي

 ثانيا: الكتاب المدرسي الذي يعتبر المصدر الاساسي لدى المتعلم  يعاني من ضعف في طريقة عرضه للمعلومات هذا بالاضافة  للطباعة السيئة والاخطاء الواضحة في بعض المعلومات التي تقدم به مع تأخر وصوله الى يد المتعلم مما يجبره على الاعتماد على الكتاب الخارجي!

ثالثا:  ميزانية المدرسة : عبارة لايوجد ميزانية هي الاصل بينما عبارة يوجد ميزانية هو الاستثناء و لا تسأل لماذا , فالفساد و السرقات التي تسري في جسد وزارة التربية و التعليم و اداراتها كانت و ماتزال موجوده حتى الان هذا بالاضافة الى ان ميزانية التعليم زادت من 39 مليار في عهد مبارك الى 49 مليار بعد الثورة بموجب 2500 جنية لكل طالب يصرف منها 2000 رواتب و مصاريف ادارية اخرى و يتبقى 500 جنية في العام لكل طالب و بالتالي لايوجد دائما ميزانية تكفي :

لتطوير معامل العلوم في مرحلة من مراحل التعليم المختلفة و لم تحرك الوزارة ساكنا حتى الان لتصبح تلك المعامل صالحه لتنمية تلك المهارات التي تتحدث عنها.

أو تحويل نظام الانشطة بمختلف انواعها من مجدرد حبر على ورق لا وجود له على  ارض الواقع في غالبية المدارس الى ورش حقيقية تنمى فيها مهارات المتعلمين الذين يمضون وقت هذه الحصص في اللعب و التنقل بين اروقة المدرسة في حالة من الفوضى التي أصبحت سمه اساسية للمدارس الحكومية هذه الايام .

ومعامل الحاسب الالي :أجهزة الكمبيوتر المتوفرة بها قديمة  و غير متطورة لعدم توفر ميزانية لتطويرها بأستمرار هذا بالاضافة الى عدم توفر معلمين متخصصين لتدريس هذه المادة في غالبية المدارس الحكومية لنفس السبب.

رابعا المباني المدرسية غير صالحة لتنمية أي نوع من انواع المهارات المختلفة و ذلك بعد تحول كل حجراتها الى فصول لتستوعب الكثافات العددية المتزايده للمتعلمين مع تقلص مساحة فناء المدرسة و ذلك بعد بناء فصول دراسية به و عدم تناسب ما يبنى من مدارس مع عدد المتعلمين و خاصة مدارس مرحلة الثانوية العامة.

خامسا تغيب المتعلمين و عدم انتظام حضورهم في المدرسة لم يعد قاصر على المرحلة الثانوية ليعالجها نظام ثانوية عامة جديد بل هي ظاهرة متفشية في كل مراحل التعليم حيث ان المتعلمين ينتظمون في حضور الدروس في المراكز التعليمية التي تقدم لهم ما يحتاجونه لاجتياز ألامتحان فلا يجدون ضرورة للذهاب الى المدارس بأنتظام .

السؤال الان إذا كان هذا هو حال مدارسنا حتى مطلع عام 2013 فهل ستتغير هذه الصورة كثيرا خلال عامين لتتناسب مع ان تكون شهادة الثانوية شهادة منتهية تأهل حاملها لمنافسة خريجي المدارس الاجنبية المنتشرة في مصر الان أم ان هذا النظام محاولة ناعمة لتجفيف منابع التعليم الحكومي تدريجيا حتى يسقط وحده؟.

 

 

 

 

Friday, March 8, 2013

رحلة الى مدينة العلوم!


تم تنظيم رحلة مدرسية بالمدرسة التي أعمل بها الى مدينة العلوم بمدينة السادس من أكتوبر, (مدينة مبارك سابقا قبل ثورة 25 يناير)

 تجمع طلبة المرحلة الثانوية محدثين هرج و مرج ,يسود جو الرحلة كل تفاصيل تحركاتهم غناء و صيحات عاليه , دون الالتفات الى فكرة رحلة علمية فهي بالنسبة لهم مجرد يوم يكسر الحالة المدرسية و فقط , ما علينا المهم انهم اقبلوا على الذهاب لرؤية مدينة للعلوم الحديثة .

في طريقنا للمدينة مررنا على لافتة كبيرة تشير الى مدينة زويل حيث اختفت الخيم الخاصة بطلبة جامعة النيل التي كان المفترض وجودها في هذا المكان و بنفس تلك المباني لولا الحرب الضارية التي اشعلها العالم احمد زويل ليحتل المكان مستعينا بالنظام السابق و القائم قبل و بعد الثورة ! ليكن له مدينة للبحث العلمي الغير معلن عن طبيعته بوضوح حتى الان .

سخرية حقيقية أن تسمى منطقة بنيت على ارض المصريين جميعا و بأموالهم بأسم رجل واحد مهما كانت منزلته او مكانته العلمية !

انطلقت العربة لنصل الى مدينة مبارك سابقا ! العلوم حاليا , دخلنا المدينة و انتهينا من الاجراءات الروتينية و تقدم احدهم ليقودنا الى بداية الجولة , مباني فخمة , مساحات شاسعه و لافته كبيرة اكلت الوانها الشمس كتب عليها خريطة المدينة العظيمة و ما بها من انشطة علمية مختلفة,.

كم من الملايين دفعت لتقام هذه المدينة؟ سؤال جال بخاطري و انا ادور بعيني في محاولة لاستيعاب المكان المترامي الاطراف ... و بدأت الجولة .

المسئول عن شرح تفاصيل ما نراه حولنا مقطب الجبين يريد ان يلقي ما في جعبته من كلمات ليسلمنا الى مسئول اخر سريعا لا شئ مما حولنا يشد انتباه الطلبة , يبدأون في التقاط الصور لانفسهم في الاماكن المحيطه بهم,  هياكل هزيلة و شرح مبتور لتطور الحياه على الارض و الافتات  بجوار الهياكل الخاصة بالحيوانات الموضوعة دون ترتيب واضح لتطور وجودها على الارض لا توضح شئ , انتهى المسئول من تأدية مهمته الثقيلة و القى بنا لمسئول آخر يتكلم عن الفضاء و طرق استكشافه و المحطات الدولية المعلقة في الفضاء لدراسته , نماذج لا تفي بالغرض و مساحه شاسعه لنموذج المجموعة الشمسية و استكشاف كوكب المريخ و كأن تاريخ استكشاف الفضاء توقف في بلدنا العامرة حتى منتصف القرن الماضي و لم يبرح مكانه بعد !

و توالت الجوالات, اجهزة معطلة , مسئولين عن المكان حافظين و مش فهمين ,ضحكات ساخرة و جري في كل مكان من قبل الطلبة , لم يلفت انتباههم سوى نموذج العين فقط في كل هذه الجوالات حيث انه يكون صورتهم مقلوبة على شبكية العين كما شرح لهم بالمدرسة بشكل نظري ليكون هذا هو الشئ الوحيد الذي الذي لفت انتباههم طوال الرحلة .

تنتهي الرحلة بمشاهدة فيلم 3D  عن شاطئ بكر في جنوب افرقيا لم تصل له يد التلوث بعد , فيلم لابأس به , المفارقة الحقيقية هي ان مدينة العلوم العظيمة لا تمتلك سوى هذا الفيلم تعرضه يوميا للرحلات التي تفد اليها منذ أكثر من عامين دون اي تغيير او تطوير !

انتهى الفيلم و انتهت الرحلة و تجمع الصبية و الفتيات , السخرية و التهكم و القفشات الكوميدية حول كل ما دار حولهم في هذه المدينة هو ما غلف طريق العودة الى المدرسة ....................... من مدينة مبارك لمدينة العلوم لمدينة زويل للبحث العلمي رايحين جايين .

Wednesday, February 6, 2013

(المدرسة بيئة محكمة)


 
 

أثناء قراءة كتاب " انهم يصنعون البشر " أستوقفتني تلك العبارة " المدرسة بيئة محكمة يمكن من خلالها التحكم في السلوك و تعديله " .

مرورا بالفكرة الاساسية التي يناقشها الكتاب الخاصة بمهندسي السلوك البشري , لفت أنتباهي هذا التساؤل : هل السلوك المعدل هو أن يكون المتعلم في حاله من الهدوء التام و ذلك للاستماع الى المعلم  و كأنه المصدر الوحيد للمعلومه في هذا العالم دون تفاعل معه أو إحداث أي نوع من أنواع النشاط الحركي ؟

أعاد هذا التساؤل إلي ذكرى الأحساس بالبهجة و أنا أتجول في أروقة  تلك المدرسة التي زرتها بولاية ميرلاند بالولايات المتحده منذ اكثر من عشرة سنوات , يطبق فيها فكرة "التعليم الحر" حيث يتلقى فيها الطفل المعلومة من خلال إستكشاف البيئة المحيطة به هذا بالاضافة الى التعلم عن طريق التجربة و الخطأ .

 لا تعتمد هذه المدرسة على فصل مغلق, يظل الطفل جامد فيه لا يفعل شئ سوى الاستماع لكل ما يقلي به المعلم داخل  رأسه ,ثم حفظه و ترديده دون ان يكون له أي دور يذكر في العملية التعليمية .

و أستوقفتني النظرة التي تطل من أعين المتعلمين في هذه المدرسة و ما بها من حماس و شغف للمعرفة عن طريق التوصل لإجابات على الاسئلة التي يطرحها عليهم المعلم وإشرافه على محاولتهم للتوصل اليها بأنفسهم, مستعيده تلك النظرة الكئيبة الضجره التي تطل من أعين المتعلمين في مدارسنا و لسان حالهم يقول "أمتى الحصة دي تخلص "

و السؤال الان : ماذا يحدث في مدارسنا ؟ هل هناك خطة محكمة لتعديل سلوك المتعلم ليكون جامد ,هادئ يتلقى المعلومه في صمت أم ماذا؟

نظره سريعه الى حال مدارسنا برغم تعددها و تفاوتها الطبقي و الاهمال المتعمد للمدارس الحكومية التي تستهدف الطبقه الفقيرة من المجتمع , ستجد أنه اذا كانت هناك خطة تستهدف أطفالنا حقا , فلن تكون سوى خلق جيل لا يمتلك أي مهارة من مهارات الابداع و التفكير , أحادي النظرة لا يعرف أكثر من الوريقات التي يتعاطاها ليلقي بها في ورقة الامتحان و يخرج بعدها خاوي الوفاض لا يفكر في شئ مما درس او حتى كتب في الامتحان , هذا طبعا بأستثناء عدد لا يكمل أصابع اليد الواحده من المدارس التي يدفع لها أولياء الامور مبالغ فلكيه  ليتعلم بها أطفالهم , نستبعدها من حسابنا لأنها تستهدف نسبه لا تصل الى 1% من المتعلمين .

 التطور الطبيعي للعملية التعليمية التي أعتمدت منذ سنوات  طويلة على الشكل فقط دون الاهتمام بالمحتوى التعليمي , بالاضافة الى مناهج مكدسة و غير مستقرة تتغير بأستمرار مع الاحتفاظ بتكدسها و عدم الاهتمام بترتيب المعلومة التي تقدم بها و تفوقها في  التجاهل التام لإحتياجات المتعلم هي حالة الفوضى المتفشية في المدارس الان المتمثلة في لامبالاة المتعلم و عدم أهتمامه بكل ما يدور داخل أسوار المدرسة العالية , تلك الحالة التي لم يعد يجدي معها أساليب التهديد و العقاب المتبعه منذ قديم الازل .

و يضاف الى ذلك الاتهام الدائم للمتعلم بالفشل و إنعدام الاخلاق دون أي محاولة لدراسة الاسباب التي أدت به الى هذه الحالة  ؟

و من نتائج هذا التدهور و التدني الملحوظ في مستوى المتعلم  إنحصار إهتمامه في اجتياز الامتحانات بنجاح بأي شكل (تحول الغش داخل اللجان الى حق لا يجوز الاعتراض عليه) للحصول على شهاده يرضي بها أسرته و مجتمعه , يعني "يريح دماغه منهم " و بعد كده يعمل الي هو عاوزه أو ما يعملش اي حاجه , يترك هذا الامر للفروق الفردية بين البشر (الامكانيات الاقتصادية و الاجتماعية لكل أسرة) دون تتدخل ايجابي من المؤسسة التعليمية بكل عناصرها مع تخلي الدولة عن دورها تجاه تحديد أحتياجاتها من العلمية التعليمية و دعمها .

كل هذا يعود بنا الى عبارة المدرسة "بيئة محكمه " لنسأل هل ما يدور في مدارسنا الان يعبر عن خطة محكمه لتفعيل مبدأ الفوضى الخلاقة  أم انه نتاج اللاخطة من الاساس ؟

Monday, January 14, 2013

الخلاص


 
منذ زمن بعيد صنعت من نفسها وعاء يلقي الاخرين بقاذوراتهم  داخلها و هي تمتصها مانحه اياهم بعض من طاقتها حتى اصبحت  وعاء فارغ يأن من وطأت الخواء الداخلي , يريد ان يصرخ في وجوههم جميعا فلا يجد الصوت الذي يطلقه .

وهن شديد اعترى جسدها و هي داخل هذه العلبة الحديدية المسماه بعربه تريد ان تفر من داخلها سريعا لكنها لا تقوى على هذا  بعد عام كامل امتصمت فيها طاقتها و هي لا تشعر في محاوله مستميته لاستقبال الحلم الوهمي المفروض عليها بدعوا الحب كالمعتاد .

ظل عقلها يعمل بقوة لمدة اسبوع كامل في كر الكلمات التي تريد ان تلقيها في وجهه  عله يفهم انها تريده ان يغرب عن وجهها الى الابد .

 هي الان وجها لوجه امامه ,  لكنها  وكعادتها دائما لم تقل شئ , اكتفت بأن اسلمت له كل متعلقاته التي تركها عندها في محاولة اخيره لابقائها و استنزاف ما تبقى لديها من طاقه , ظانا منه انه مازال  لديها شئ تقدمه.

 برغم انها حاولت مرارا و تكرارا ان تخبره انها مجهده حد الموت , لكن صوتها كان منخفض كالمعتاد فلم يسمع سوى ما يريد ان يسمعه من كلماتها الخافته المبعثره  و كأن صمتها كان حافز قوي للاخرين لتجاهل ما قد يبدو على وجهها من الم الموت .

ابتسامه باهته ظلت تكلل وجهها و هو يحكي لها انجازاته مكتفيه بهز رأسها , رافع اياهه الى مساحات الافق التي تبدوا خلف سياج العربه الحديدي , حالمه ان تمنح لها الفرصه الاخيره للفرار بعيدا عنه , عن كل من منح لها الوهم مقابل روحها , كآخر امل لها في النجاه.

اخيرا اتت لها الفرصة التي كانت تنتظرها و لم تضيعها هذه المره  , حيث توقفت العربة في زحام كبير من عربات حديديه احاطت بها من كل جانب , ساعتها تمتمت ببعض الكلمات التي تبرر بها رغبتها في النزول من العربه الان على ان يعاودا اللقاء في وقت لاحق مستغله  انشغاله بالزحام المحيط به ,ساحبه جسدها المنهك  من جانبه الى الخارج بقوه و هي تحاول جاهده تنسم هواء الحريه  .

ظلت تجري و كأنها تظن انها سيتبعها  و يهدم اخر طوق نجاه تشبست به لتفر بعيدا قدر استطاعتها , و لما تأكد لها  انها بعيدا عن مرمى نظره , توقفت قليلا كي تلتقط انفاسها المتقطعه و بدأت في القفذ عاليا عالمة الخلاص و بشر لا حدود له يجتاح روحها المجهده و دماء حاره تنساب داخل عروقها و كأن الحياه تعود اليها من جديد .

تلمس اوراق الشجر , تقطعها , تعتصرها بين يديها علها تمتص منها رحيق الحياه التي تاهت من بين يديها ليرتوي هو ومن سبقه بها , غابت عن العالم و كأنها تسير وحدها في الطرقات لا يعنيها نظرات المحيطين بها من الماره حتى انساب الى مسامعها صوت هادئ : ليه بتقطعي الورق الاخضر ؟

تجاهلت الصوت و استمرت في لهوها  حتى تسارعت الخطوات لتسبقها مصحوبه بنفس السؤال الذي اطلقه صاحبها منذ لحظات .

اجابت بعند طفولي ظنت انها فقدتها مع  دماء روحها التي اريقت على كتفي صاحب العربه : انا حره .

اجابها صاحب  الصوت : عندك حق انت حره لكن لا تسلبي الورق الاخضر حقه في الحياه.

نظرت الى ملامحه الصغيره و صدق الكلمات المنسابه من وجهه الناطق بالحياه  , مطلقه من بين شفتيها ضحكه  قويه يملأها المرح لاول مره منذ زمن بعيد  و هي تبتعد عنه  بخطى سريعه و يداها تعبث  في مرح صادق بأوراق الشجر الاخضر دون ان تمزقه

فعاد  يرسل اليها  عباراته المرحه التي تملأ قلبها دفأ: تاني بتقطعي الورق الاخضر تاني ؟؟

اجابته و هي تسير بخطا  مسرعه كما عتادت و كأنها في حاله من الفرار الدائم غير مبرره : لا ادعوه فقط  ان يمنحني  رحيق الحياه

 انطلقت بعدها في طريقها , و صاحب الصوت يغيب عن ناظريها محتفظه داخل روحها بوجهه الحي و ضحكاته المرحه .