Friday, November 5, 2010

عزة

عزة

مين الى مزعلك يا أبلة قولي بس  و انا أعرف أتصرف معاه ؟
عبارة تطلقها عزة عندما تعلم بإحدى خلافاتي التي لا تنتهي مع مديرة المدرسة التي لا تريد أن تسمع صوت آخر غير صوتها داخل جدران عالمها الذي تفرض عليه سلطانها , تطلق عبارتها دائما  ببراءة تطفو على ملامح وجهها الذي يشعرك بأنك أمام مشروع معلمة سيكون لها شأن كبير في قهوة أو سوق الخضار مثلا بعيدا عن أي مهنة أخرى  يمكن أن تحصل عليها هذا إذا أتمت تعليمها  , ما زلت حتى الآن أذكر عندما جرى بيننا حوار عن أهمية أن تتم تعليمها و تعمل لتحقق ذاتها و يكون لها حياه مستقلة قبل أن تفكر في الزواج و تكوين أسرة لأنها مسئولية كبيرة تحتاج إلى مرحلة معينة من العمر ..........الخ من تلك الكلمات الرنانه التي لم تحدث داخل عزة أي أثر  سوى شعور بالحب تجاهي و رغبة صادقة في أن تتبعني أينما كنت  في المدرسة ,تحمل كتبي أو حقيبتي ,عارضة خدماتها باستمرار دون ملل أو كلل , بروح مرحة طلقيه مشبعة بذكاء فطري  و قدرة سريعة على الفهم و الاستيعاب .
فهي  تعلم مسبقا أنها ستحصل على شهادة الإعدادية و تتوجه مسرعة إلى دبلوم تجارة منازل أو مدرسة الثانوية الصناعية , فأبوها و أخوها الكبير لا يرى سبب لأن تكمل تعليمها و عريسها جاهز و منتظر أن تكبر و تنهي تلك الأعوام القليلة المتبقية لها في المدرسة ليتم الزواج : يا أبلة أبن عمي أكمل  تعليمه و أخذ بكاروليوس تجارة و جارنا مهندس و جارنا الثاني محامي كلهم على القهوة لا شغلة و لا مشغلة , أحيانا يشتغلوا على  توكتوك أو يطلعوا مع المبيض أو النقاش  و فيهم كثيرون يتاجرون في المخدرات زي أهل الشارع كله و البت شيماء الى عملت مصيبة لغاية ما أكملت تعليمها في كلية التربية يعني ممكن تبقى مدرسة زي حضرتك , كتب كتابها الأسبوع ده على واحد من التجار الى عندنا و ها تقعد في البيت , يبقى اختصر الطريق و أخد لي شهادة صغيره كده و يبقى أسمي كملت تعليمي و خلاص
في البداية كنت أستمع الى كلماتها بضيق حقيقي و أحاول ان اقنعها أنها ذكية و خسارة تضيع مجهودها هكذا دون أن تستثمره لصنع مستقبل أفضل لحياتها لكن بعد فترة اكتفيت بالاستماع لأحاديثها الغريبة عن شارعهم الذي يشبه شارع الباطنية الذي كنا نرى ما يدور داخله في الافلام و المسلسلات فقط  , حتى جاء هذا اليوم الذي جاءت فيه الى المدرسة مصفرة الوجه مجهدة يبدو على وجهها أثار كدمة خفيفة, أصابتني حاله من القلق و التوتر عندما رايتها على هذه الحالة  : في أيه يا عزة مالك
أجابتني بصوت منهك : القسم كله كان عندنا إمبارح
ليه هو فيه حاجة حصلت ؟
أبدا يا أبلة ده مأمور جديد في المنطقة , حب يعرف الناس الى في الشارع أنه موجود , جاء بقوة كبيرة قفل بيها الشارع و ظل يطلق أعيرة ناريه لترهبنا و قد لزم كل اهل الشارع بيتهم الا الواد أخويا الصغير شعر بغضب شديد فجأة و قال هو كل ما يغيروا مأمور يجي و يعمل عندنا الرعب ده كله هو أحنا مش رجاله و خرج عليهم و مشي في الشارع  كأنه بيقول للمأمور أنه مش هامه و بدأت المعركة ,ضرب بالعصي , ضرب نار في الهوا و في الآخر أخذ المأمور أخواتي الصبيان كلهم على القسم و ماحدش يعرف عنهم أي حاجة حتى الان
كنت أستمع الى ما ترويه بعينين مفتوحتين عن آخرهما , تتدلى شفتي السفلى بدهشة حقيقية : انت بتتكلمي بجد يا عزة كل ده حصل في شارعكم أمبارح
بضيق يصحبه أجهاد شديد : ايوه يا أبله هاضحك على حاضرتك ليه و الله أنا ما كنتش جايه المدرسة لكن أمي أصرت أني أروح علشان خايفة ليحصل قلق تاني و مش عايزة إني أبقى موجودة ,حتى  أخذوا ابن عمي كمان .
لم أجد الكلمات التي تصلح لمواساتها فربت على كتفها و دعوتها لدخول الفصل لأترك لنفسي مساحة من الوقت تسمح لي بتخيل ما سمعت منها و شعور عالي بأن تلك الفتاة خرجت على من فجوة زمنية بعيدة لا تنتمي إلينا و لا نعرف عنها شئ أو ربما انا التي أغتربت عن العالم الذي أحيا به فترة تكفي لان أشعر بغربة شديدة وكأني أشاهد فيلم أكشن يحوي من المبالغات اكثر ما يحوي من حقائق و أكملت اليوم و ان أتحاشى الاقتراب منها حتى أقنع نفسي بأن ما سمعته لا يتعدى خيالات طفلة تحمل قدره فائقة  على نسج القصص الوهمية التي لا تمت لواقعنا الذي مهما كان اليم لا يمكن أن يصل الى هذا الحد المثير لوجع لا ينتهي .
أختفت عزة بعد هذا اليوم أسبوع كامل من المدرسة لم أحاول خلاله أن أسأل عنها فيه حتى بدأ ضميري يأن أنين خافت تحول في نهاية الأسبوع إلى صراخ لا يحتمل فتوجهت إلى أحدى الفتايات التي كنت أراها بصحبتها دائما و سألتها عنها لأجد كارثة تنتظرني أفظع من كل ما روته عزة على مسامعي  , توفى أبن عمها و زوج مستقبلها المظلم اثر علقة ساخنة في القسم كانت من نصيبه هو و أخوتها ليعلم كل من في الشارع مصير من يتحدى سلطان المأمور على المكان و لسوء حظها كان أبن عمها أضعفهم فلم يقوى جسده على تحمل عنف الضرب و مات بينما خرج أخواتها مصابين ببعض الكسور التي بدأت تتعافى مع الوقت , لم أستطع تمالك نفسي و أرسلت سلامي و تعازي لها عن طريق صديقتها , فكرت للحظه أن أذهب بنفسي لأعزيها لكني تراجعت قبل أن اطرح الفكرة على الفتاه خوفا من طبيعة الشارع التي تحيا به عزة و تركت ضميري يصرخ عند هذا الحد كيفما يشاء فكل ما أرى و أسمع فوق قدرتي على التخيل .
عادت عزة متشحة بطرحة سوداء على رأسها و قميص أسود فوق تنورتها المدرسيه وملامح أمرأة عجوز تكلل وجهها الصغير , حامله لي مفاجأة الشكر و العرفان لأني تذكرتها و ارسلت لها التعزية مع صديقتها وكأنها لم تكن تتصور أني سأذكرها , شعور بالخزي و العار أكل ما تبقى من ضميري الصارخ و لم أعد أقوى على  تحمل عبأ الحديث معها أكثر من هذا فألقيت كلامات عزاء متداخله يصعب سماع معظمها و انطلقت مسرعة بعيدا حامله عقل مشلول لا يقوى على فهم ما يدور حوله , شعور بالهزيمة يكلل خطواتي يشل لساني الذي ملأ مسامع تلك الفتاة بهتافات جوفاء تقبلتها هي بحب و لم تنتظر مني أكثر من الكلمات .
تعافت عزة سريعا و عادت الى مرحها و ضجيجها لكن شئ بقى لم يذهب , العنف .... أصبحت مثيره للشغب في الفصل , في حوش المدرسة في كل أماكن تواجدها ,تنتفض ثائرة كلما شعرت مجرد الشعور بأن أحدى زميلاتها توجه لها شبهت أهانه و قابلت زميلاتها عنفها بعنف مماثل و كأنهن جميعا يصرخن:  لدينا مثل ما لديك من المآسي و قد تحملناك بما فيه الكفاية وجاء يوم أنفجر الفصل كله إثر محاولة أحد المدرسين معاقبة الفصل الذي أنقسم الى فريقين عزة و صاحباتها أمام فتاه ضاقت من محاولة عزة فرض سلطتها على الفصل و معها عدد لا بأس به من الفتايات الرافضات لسلطة عزة التي اكتسبتها بوصفها الرائدة المسئولة عن المحافظة على نظام الفصل كما قالت لها الابلة الأخصائية الاجتماعية و هي لا تعلم أن عزة قررت أن تلعب دور المأمور القاتل بدلا من ان تكون أبن عمها القتيل .
أسقط في يد المدرس و هو يقف حائر بين أطراف النزاع لا يملك القدرة على فضه و أخيرا برقة في عقله فكرة ,أنطلق على أثرها الى مديرة المدرسة يستنجد بها , التي أنتفضت بدورها متحركة بسرعة الى الميكرفون المثبت في حوش المدرسة صارخة فيه بقوة مستدعية الأخصائية : أخرجي كل الفتيات الى في فصل 3\ 10 حالا , هرولت الأخصائية و هي ترتعش من الفزع حامله معها عصا كبيرة و بدات تصرخ في الفصل و تخرج الفتايات في صفين و تسير بهن ناحية مديرة المدرسة التي صرخت فيهن بقوة أرعبتهن مجبرهن ان يجلسن على الارض القرفصاء كأسرى حرب لكن عزة استطاعت أن تفلت من هذا الحصار المرعب جاريه ناحية حمامات المدرسة مستخدمة تليفونها المحمول في استدعاء شارعها كله الذي أتى مع بعض من أولياء أمور الفتيات الأخريات من أصحاب عزة و اقتحموا المدرسة في مشهد أثار الرعب في قلوبنا , لكن مديرة المدرسة استطاعت هي الأخرى الفرار إلى مكتبها مستخدمه هاتف المدرسة مستدعية الامن الذي جاء بقواته و دخل الى المدرسة جامعا اولياء الامور في مكتب المديرة و أستمر أجتماعهم ساعة كامله تبعثر على إثرها الفتايات في المدرسة ووقف الجميع في حاله من التقرب و القلق بينما وقفت أنا مبتعدة أحاول أستيعاب ما يحدث عاصرة ذهني على أستطيع الفهم و تم الصلح و عاد الهدوء الى المدرسة و استؤنفت الدراسة , حصلت عزة على الشهادة الاعدادية , مازلت ألقاه و هي ذاهبة الى مدرسة الثانوية التجارية , تهتف يا أبلة أستني عايزة أسلم عليك , أقف و اتبادل معها القبل و السؤال على أخبارها ,كلمات عابرة أتفحص أثنائها وجهها مازال يحمل غطاء المرح الظاهري الذي يخفي بين طياته خطوط من الغضب و العنف و الرغبة في الثأر من العالم, لكن نظرت عيناها تستثنيني مع أني لم أقدم لها سوى الكلمات !


عبارة تطلقها عزة عندما تعلم بإحدى خلافاتي التي لا تنتهي مع مديرة المدرسة التي لا تريد أن تسمع صوت آخر غير صوتها داخل جدران عالمها الذي تفرض عليه سلطانها , تطلق عبارتها دائما  ببراءة تطفو على ملامح وجهها الذي يشعرك بأنك أمام مشروع معلمة سيكون لها شأن كبير في قهوة أو سوق الخضار مثلا بعيدا عن أي مهنة أخرى  يمكن أن تحصل عليها هذا إذا أتمت تعليمها  , ما زلت حتى الآن أذكر عندما جرى بيننا حوار عن أهمية أن تتم تعليمها و تعمل لتحقق ذاتها و يكون لها حياه مستقلة قبل أن تفكر في الزواج و تكوين أسرة لأنها مسئولية كبيرة تحتاج إلى مرحلة معينة من العمر ..........الخ من تلك الكلمات الرنانه التي لم تحدث داخل عزة أي أثر  سوى شعور بالحب تجاهي و رغبة صادقة في أن تتبعني أينما كنت  في المدرسة ,تحمل كتبي أو حقيبتي ,عارضة خدماتها باستمرار دون ملل أو كلل , بروح مرحة طلقيه مشبعة بذكاء فطري  و قدرة سريعة على الفهم و الاستيعاب .
فهي  تعلم مسبقا أنها ستحصل على شهادة الإعدادية و تتوجه مسرعة إلى دبلوم تجارة منازل أو مدرسة الثانوية الصناعية , فأبوها و أخوها الكبير لا يرى سبب لأن تكمل تعليمها و عريسها جاهز و منتظر أن تكبر و تنهي تلك الأعوام القليلة المتبقية لها في المدرسة ليتم الزواج : يا أبلة أبن عمي أكمل  تعليمه و أخذ بكاروليوس تجارة و جارنا مهندس و جارنا الثاني محامي كلهم على القهوة لا شغلة و لا مشغلة , أحيانا يشتغلوا على  توكتوك أو يطلعوا مع المبيض أو النقاش  و فيهم كثيرون يتاجرون في المخدرات زي أهل الشارع كله و البت شيماء الى عملت مصيبة لغاية ما أكملت تعليمها في كلية التربية يعني ممكن تبقى مدرسة زي حضرتك , كتب كتابها الأسبوع ده على واحد من التجار الى عندنا و ها تقعد في البيت , يبقى اختصر الطريق و أخد لي شهادة صغيره كده و يبقى أسمي كملت تعليمي و خلاص
في البداية كنت أستمع الى كلماتها بضيق حقيقي و أحاول ان اقنعها أنها ذكية و خسارة تضيع مجهودها هكذا دون أن تستثمره لصنع مستقبل أفضل لحياتها لكن بعد فترة اكتفيت بالاستماع لأحاديثها الغريبة عن شارعهم الذي يشبه شارع الباطنية الذي كنا نرى ما يدور داخله في الافلام و المسلسلات فقط  , حتى جاء هذا اليوم الذي جاءت فيه الى المدرسة مصفرة الوجه مجهدة يبدو على وجهها أثار كدمة خفيفة, أصابتني حاله من القلق و التوتر عندما رايتها على هذه الحالة  : في أيه يا عزة مالك
أجابتني بصوت منهك : القسم كله كان عندنا إمبارح
ليه هو فيه حاجة حصلت ؟
أبدا يا أبلة ده مأمور جديد في المنطقة , حب يعرف الناس الى في الشارع أنه موجود , جاء بقوة كبيرة قفل بيها الشارع و ظل يطلق أعيرة ناريه لترهبنا و قد لزم كل اهل الشارع بيتهم الا الواد أخويا الصغير شعر بغضب شديد فجأة و قال هو كل ما يغيروا مأمور يجي و يعمل عندنا الرعب ده كله هو أحنا مش رجاله و خرج عليهم و مشي في الشارع  كأنه بيقول للمأمور أنه مش هامه و بدأت المعركة ,ضرب بالعصي , ضرب نار في الهوا و في الآخر أخذ المأمور أخواتي الصبيان كلهم على القسم و ماحدش يعرف عنهم أي حاجة حتى الان
كنت أستمع الى ما ترويه بعينين مفتوحتين عن آخرهما , تتدلى شفتي السفلى بدهشة حقيقية : انت بتتكلمي بجد يا عزة كل ده حصل في شارعكم أمبارح
بضيق يصحبه أجهاد شديد : ايوه يا أبله هاضحك على حاضرتك ليه و الله أنا ما كنتش جايه المدرسة لكن أمي أصرت أني أروح علشان خايفة ليحصل قلق تاني و مش عايزة إني أبقى موجودة ,حتى  أخذوا ابن عمي كمان .
لم أجد الكلمات التي تصلح لمواساتها فربت على كتفها و دعوتها لدخول الفصل لأترك لنفسي مساحة من الوقت تسمح لي بتخيل ما سمعت منها و شعور عالي بأن تلك الفتاة خرجت على من فجوة زمنية بعيدة لا تنتمي إلينا و لا نعرف عنها شئ أو ربما انا التي أغتربت عن العالم الذي أحيا به فترة تكفي لان أشعر بغربة شديدة وكأني أشاهد فيلم أكشن يحوي من المبالغات اكثر ما يحوي من حقائق و أكملت اليوم و ان أتحاشى الاقتراب منها حتى أقنع نفسي بأن ما سمعته لا يتعدى خيالات طفلة تحمل قدره فائقة  على نسج القصص الوهمية التي لا تمت لواقعنا الذي مهما كان اليم لا يمكن أن يصل الى هذا الحد المثير لوجع لا ينتهي .
أختفت عزة بعد هذا اليوم أسبوع كامل من المدرسة لم أحاول خلاله أن أسأل عنها فيه حتى بدأ ضميري يأن أنين خافت تحول في نهاية الأسبوع إلى صراخ لا يحتمل فتوجهت إلى أحدى الفتايات التي كنت أراها بصحبتها دائما و سألتها عنها لأجد كارثة تنتظرني أفظع من كل ما روته عزة على مسامعي  , توفى أبن عمها و زوج مستقبلها المظلم اثر علقة ساخنة في القسم كانت من نصيبه هو و أخوتها ليعلم كل من في الشارع مصير من يتحدى سلطان المأمور على المكان و لسوء حظها كان أبن عمها أضعفهم فلم يقوى جسده على تحمل عنف الضرب و مات بينما خرج أخواتها مصابين ببعض الكسور التي بدأت تتعافى مع الوقت , لم أستطع تمالك نفسي و أرسلت سلامي و تعازي لها عن طريق صديقتها , فكرت للحظه أن أذهب بنفسي لأعزيها لكني تراجعت قبل أن اطرح الفكرة على الفتاه خوفا من طبيعة الشارع التي تحيا به عزة و تركت ضميري يصرخ عند هذا الحد كيفما يشاء فكل ما أرى و أسمع فوق قدرتي على التخيل .
عادت عزة متشحة بطرحة سوداء على رأسها و قميص أسود فوق تنورتها المدرسيه وملامح أمرأة عجوز تكلل وجهها الصغير , حامله لي مفاجأة الشكر و العرفان لأني تذكرتها و ارسلت لها التعزية مع صديقتها وكأنها لم تكن تتصور أني سأذكرها , شعور بالخزي و العار أكل ما تبقى من ضميري الصارخ و لم أعد أقوى على  تحمل عبأ الحديث معها أكثر من هذا فألقيت كلامات عزاء متداخله يصعب سماع معظمها و انطلقت مسرعة بعيدا حامله عقل مشلول لا يقوى على فهم ما يدور حوله , شعور بالهزيمة يكلل خطواتي يشل لساني الذي ملأ مسامع تلك الفتاة بهتافات جوفاء تقبلتها هي بحب و لم تنتظر مني أكثر من الكلمات .
تعافت عزة سريعا و عادت الى مرحها و ضجيجها لكن شئ بقى لم يذهب , العنف .... أصبحت مثيره للشغب في الفصل , في حوش المدرسة في كل أماكن تواجدها ,تنتفض ثائرة كلما شعرت مجرد الشعور بأن أحدى زميلاتها توجه لها شبهت أهانه و قابلت زميلاتها عنفها بعنف مماثل و كأنهن جميعا يصرخن:  لدينا مثل ما لديك من المآسي و قد تحملناك بما فيه الكفاية وجاء يوم أنفجر الفصل كله إثر محاولة أحد المدرسين معاقبة الفصل الذي أنقسم الى فريقين عزة و صاحباتها أمام فتاه ضاقت من محاولة عزة فرض سلطتها على الفصل و معها عدد لا بأس به من الفتايات الرافضات لسلطة عزة التي اكتسبتها بوصفها الرائدة المسئولة عن المحافظة على نظام الفصل كما قالت لها الابلة الأخصائية الاجتماعية و هي لا تعلم أن عزة قررت أن تلعب دور المأمور القاتل بدلا من ان تكون أبن عمها القتيل .
أسقط في يد المدرس و هو يقف حائر بين أطراف النزاع لا يملك القدرة على فضه و أخيرا برقة في عقله فكرة ,أنطلق على أثرها الى مديرة المدرسة يستنجد بها , التي أنتفضت بدورها متحركة بسرعة الى الميكرفون المثبت في حوش المدرسة صارخة فيه بقوة مستدعية الأخصائية : أخرجي كل الفتيات الى في فصل 3\ 10 حالا , هرولت الأخصائية و هي ترتعش من الفزع حامله معها عصا كبيرة و بدات تصرخ في الفصل و تخرج الفتايات في صفين و تسير بهن ناحية مديرة المدرسة التي صرخت فيهن بقوة أرعبتهن مجبرهن ان يجلسن على الارض القرفصاء كأسرى حرب لكن عزة استطاعت أن تفلت من هذا الحصار المرعب جاريه ناحية حمامات المدرسة مستخدمة تليفونها المحمول في استدعاء شارعها كله الذي أتى مع بعض من أولياء أمور الفتيات الأخريات من أصحاب عزة و اقتحموا المدرسة في مشهد أثار الرعب في قلوبنا , لكن مديرة المدرسة استطاعت هي الأخرى الفرار إلى مكتبها مستخدمه هاتف المدرسة مستدعية الامن الذي جاء بقواته و دخل الى المدرسة جامعا اولياء الامور في مكتب المديرة و أستمر أجتماعهم ساعة كامله تبعثر على إثرها الفتايات في المدرسة ووقف الجميع في حاله من التقرب و القلق بينما وقفت أنا مبتعدة أحاول أستيعاب ما يحدث عاصرة ذهني على أستطيع الفهم و تم الصلح و عاد الهدوء الى المدرسة و استؤنفت الدراسة , حصلت عزة على الشهادة الاعدادية , مازلت ألقاه و هي ذاهبة الى مدرسة الثانوية التجارية , تهتف يا أبلة أستني عايزة أسلم عليك , أقف و اتبادل معها القبل و السؤال على أخبارها ,كلمات عابرة أتفحص أثنائها وجهها مازال يحمل غطاء المرح الظاهري الذي يخفي بين طياته خطوط من الغضب و العنف و الرغبة في الثأر من العالم, لكن نظرت عيناها تستثنيني مع أني لم أقدم لها سوى الكلمات !