تسير امال حزينة ضجرة كما اعتادت هذه الايام, تحمل نفسها بشدة لتخرج من البيت, كل ما يدور حولها يدفعها الى البقاء ماعدا رغبة ملحة في ان تصنع حياتها بيدها لاول مرة في تاريخ عمرها الطويل القصير.
تركت العالم كله من حولها يشكل لها تفاصيل حياتها حتى اصبحت جسد يسير حاملا كفن روحه على يده ,تصرخ داخل صمتها الابدي يكفيني هذا اريد ان احيا , ان كنتم تحبونني كما تتدعون , دعوني الحق بسنوات عمري اللاهثة بحثا عن ذاتى التائهه دون جدوى .
التقت بهم , من هؤلاء ؟لا تدري وجوه تلتقي بها أحيانا و تختفى من مجالها البصري احيانا اخرى,لم يكن لها اصدقاء دائمين طوال عمرها, دائما تتقلب بين اطياف من البشر, هل لانها لا تجيد فن التواصل ؟ ام لان حياتها دائما مضطربة في حالة صعود و هبوط دائمين؟هي حقا لا تحمل اجابة حقيقية لكل اسئلتها تشعر انها في دوامة طويلة من عدم الفهم.
التقت بهم واقترح احدهم مكان ,ذهبت بعيدا ,هنا اعتادت ان تلتقي بمحبوبها وهنا كانت تنفصل عن العالم سابحه كفراشة في عالمهما الخاصة ,تطير حره لاول مره تحكي و يتورد وجهها عشقا ينظرا معا الى السماء بلونها الازرق الصافي صفاء مشاعرهما المنطلقة ببراءة طفلين يلهوان بسعادة كانت تظن يومها انها تملكها وانهما كيان واحد ظل ناقصا حتى أكتمل بروعة اللقاء كانت تظن انهما اكتفي بعالمهما الخاص عن كل ما يحيط بهما.
أعتادت بعد ضياع هذه الايام ان تتعمد العبور بجوار المكان تستعيد طاقة الحلم ,يمتلئ كيانها بهجه, تتطاير فرحه, معلقة بصرها على بوابة المكان ,متمنية ان يخرج منه يتلقفها بين ذراعيه يطيرا معا الى عالمهما الذي خلقاه باوهامهما الخاصة, كم كانت تهواه ,مرات عديده عبرت امام هذا المكان القدسي حامله نفس الحلم بين جنبات قلبها الواهم, لكنه ظل مجرد حلم .
ظلت تتعمد العبور حالمه في هذه المرات ان يعود اليها احساسها المبهج برؤية المكان, متمنية ان تستعيد املها في ان تراه لكن البهجة ذهبت و الرغبة في رؤيته صارت باهته يشوبها مشاعر أمرأة ارضية تحاول جاهدة ان تهجر الحلم الوهمي.
الان ستذهب الى المكان ,ستدخله لن تكتفي بالتحديق في الباب باحثة عن حب ضائع, راودتها أمالها ولكن ليس بنفس القوة السابقة مجرد أمال مبتورة لوهم الرؤية التي تعلم جيدا انه لن يتحقق , أصبح هناك الان مساحات ارض شاسعه تفصل بينها و بين حبيب باتت تعتقد انه لم يكن الا وهم مثل باقي الاوهام التي اعتادت ان تنسج خيوطها داخل اطار خيالها المتعطش لوجود حبيب اسطوري يصعب وجوده بين عالم البشر , تسعى الان جاهده ان تنسلخ من خيالاتها بحثا عن حياة حقيقية تخلو من أوهام لم ولن تتحقق , باحثه عن امال جديدة تصنعها بيدها لا تنتظر فيها اطياف بشر تذهب سريعا و لا يبقى منها سوى انكسار ضياع الحلم.
دخلت توقفت لحظات ترقب بصماتهما التي سجلاها معا هنا و هناك, تنظر الى زجاجه خشبية كبيرة وضعت اعلى المكان, اخبرها الحبيب ذات يوما ان معشوق صاحبة المكان اهداها لها بعد ان صنعها بيديه و انها بقيت في هذا المكان طوال حياتها و ماتزال باقية حتى بعد مماتها لم يخبرها ما الذي حدث لحبهما و لم تهتم هي بسماع باقى الرواية كانت هائمه في حبه تغذي تلك الرواية رغبتها في ان يبقى الى جوارها ما بقى لها من عمر.
وقفت باحثة عن ما كان داخلها في تلك اللحظات , لكنها لم تجد داخلها شئ منه , تتساءل لما كانت ترى هذا المكان رائع؟ضيق هو ,مقبض, يكتظ ببشر يحملون وجهه غريبة غير مؤلوفه, غير محببه لم يعد عندها رغبة في البقاء ,جلست قليلا مع من ذهبت من بشر ثم تعللت بانها لابد ان تنصرف الان فلديها اعمال كثيرة اخرى تريد ان تنهيها .
خرجت فاتحه صدرها لاستنشاق هواء نقي بعيدا عن هذا المكان المقبض , متخذه قرار انها لن تعود اليه مره اخرى فلم يعد هو نفس المكان الذي ارتادته يوما ما و لم تعد هي نفس الحالمه التي جاءت يوما محاولة بكل طاقتها ابقاء طيف وهمي ادمى قلبها البرئ حتى الموت ليولد مكانه قلب أخر لا يبحث عن الاطياف , تريد ان يلمس البشر و يشعر بنبضهم على الارض ليس في سماء عاليه لا وجود لها على ارض الواقع.