Friday, June 12, 2009

أم في الاوبرا احيانا


أم في الاوبرا احيانا في هذا الوقت من كل عام تبدأ في اصطحاب ابنتها الى الاوبرا حيث تكثف مرات التدريب استعدادا لحفل البالية السنوي للاطفال الذي تقيمه الاوبرا بأسم حفل تنمية المواهب .تذهب بصحبة ابنتها و كتابها الذي تقرأ فيه بعد دخول ابنتها قاعة التدريب ,حيث تخرج الكتاب و سيجارةتشعلها بجوار فنجان القهوة تحاول اقتحام عالم الكتاب منعزلة به عن كل من حولها, محاولة احداث طقس خاص بها لم يكن لها يوما طقوس محدد فبرغم حبها لمذاق القهوة الا انها لم تعتاد ان تحتسيها في اوقات محددة بعينها و لكنها احيانا تشتاق الى مذاقها شأنها في ذلك شأن السيجارة أحيانا تصبح شرهه لها و أحيانا اخرى تضيق حتى من رائحة دخانها , كان هذا الامر يسبب لها ازمة فهي لم تعتاد مثلا ان يكن لها مشروبا محدد في الصباح لا تفيق بدونه كما كانت تسمع من حولها يتحدثون دائما , فغالبا يستهويها شئ اليوم يصبح لا معنى له غدا .اثناء استغراقها في عالم الكتاب و حواراتها الدائمة مع ذاتها التي لا تصطحب سواها دائما في نهاية الامر , أقتحم عالمها السابحة بين شطآنه سيدة تحمل ملامح هادئة مبتسمة, تتكلم بود وكأنها تعرفها منذ زمن بعيد , بدأت في حديثها عن رحلتها مع ابنتها لشراء مستلزمات الحفلة من توك للشعر و ادوات لاستكمال زينتها اثناء الحفلة , تذكرت انها تحتاج ان تفعل نفس الشئ مع ابنتها , كانت تنظر للسيدة محاولة التوصل معها في الحديث ,محاولة ان تكون أم مثلها لكنها دائما كانت نصف أم, نصف زوجة, نصف سيدة محيطة كل هذا بمشاعر طفله حالمة مازلت تهفو الى كلمة حب, لمسة رقيقة تشع دفء و امانا داخل روحه الهائمة بلا مستقر علها تبدد وحدتها الدائمة .في هذا اليوم دعتها تلك السيدة الام الى الانضمام الى كوكبة من الامهات من اعلى الرأس حتى أطراف اصابعهن, تظل كل واحدة منهن قابعة في مكانها مجندة لتلبية أحتياجات أطفالها اللائي يحملنهم معهن أثناءالتدريب بالاضافة الى بناتهن اللائي داخل التدريب وتدور بينهن حورات كثيرة عن البيت و الزوج يشوبها احاديث عن العمل اذا كن يعملن أو عن اصطحابهن لاطفالهن الى الانشطة المختلفة التي يمارسوها, فهن سيدات من الطبقة المتوسطة الميسورة الحال ليسوا مثلها من الطبقة المتوسطة الكادحة, ظل الامر على هذا الحال هن يتحدثن و هي تحاول جاهدة التواصل معهن دون جدوىوكأنها من عالم آخرغير عالمهن او ربما هن هبطنا على عالمها فجأة فأحدثوا اضطراب .مع استمرار الحديث و محاولتها للتواصل هبطت عليهن سيدة تلهث نتيجة لتأخرها الشديد عن ميعاد التدريب ,أدخلت ابنتها على عجل و التحقت بمجموعة الامهات التي انضمت لهن و كانت يبدو علي وجهه ملامح جادة حائرة وكانها تحمل داخل جعبتها خبر نهاية العالم .وقد لفت انتباههن ملامح وجهها فبدأن يسألنها ,عندها بدأت تحكي لهن ما حدث في شركة البترول التي تعمل بها و كيف ان الخبير الامريكي التقى بعدد من العاملين بالشركة ثم التقى بخبيرة اوربية على انفراد ولا يمنع من مصاحبة عباراتها ببعض الغمز و اللمز على كلمة انفراد , امريكي و اوربية و على انفراد تخيل ماذا يمكن ان يحدث بينهما,ثم تبع ذلك لقائه مع خمسة من المديرين وظلت اعداد من التقى بهم تتزايد حتى القت بالخبر الذي هبط عليهن كالصاعقة وهو ان هذا الخبير مصاب بانفلونزا الخنازير .أصابتهن حالة من الهلع و بدأن يجمعن صغارهن وكان الخبير الامريكي قادم ليلتقي بهن و صغارهن ايضا ,بدأت عاصفة من الاسئلة عن عدد من انتقلت اليهم العدوى و هي تدلي بتصريحاتها الخطيرة التي تخفيها الشركة عن العالم, في البداية كانوا اثنين عندما اعدن عليها السؤال اصبحوا خمسة و في كل مرة يتكرر فيها السؤال يتضاعف العدد حتى كادت ان تجزم ان الشركه كلها اصيبت بالعدوى ماعدا هي التي انقذتها العناية الالاهية لانها في اجازة منذ اسبوعين و عندما سألتها فتاتنا ببراءة شديدة عن مدى تأكدها من صحة الخبر نظرن اليها جميعا وكأنها ليست من هذا العالم الذي يعشن فيه هن و صغارهن و اخبرتها احدى الامهات باهمية ان تتابع الاحداث في الاخبار لان عدم اهتمامها سيعرض اطفالها للخطر و اخرجت سريعا منديل ورقي معطر و ظلت تمسح به وجه و يد ابنتها و تكرر هذا الامر عدد مرات بقلق و فزع حقيقي و كأن الوباء يحصد الالاف بالخارج ,و هي لا تجد مخرج للنجاه ا

5 comments:

Desert cat said...

اسلوبك فى السرد اكتر من رائع

شرفتينى جدا ونورتى مدونتى

Unknown said...

شكرا على زيارتك مدونتي و ارجو ان نكون على اتصال دائم
اسعدني رأيك

أسماء علي said...

هالة

لقطة مميزة
واقعية .. بسيطة .. تفاصيلها تحمل يقين الإغتراب و الإختلاف
لتبقى الصورة النهائية رائعة

أعجبتني فكرة أن في كل مرة تعاد الأسئلة تزيد الحالات و تبقى الحقيقة متكورة في ركن بعيد لا نصل إليه

و لكِ ألف تحية تليق بجمال روحك

Unknown said...

سمسة الجميلة
لا اجد الكلمات التي اعبر بها و لكن رايك يسعدنى و يعطيني دفعة الى الاملم على طريق الحياه

شمعى أسعد said...

تصورى
انتى وصفتى مشهد كنت تقريبا بشوفه كل اسبوع
يوم الثلاثاء بالتحديد
فى كافيتريا اوبرا الاسكندرية
فى الساعتين اللى بكون فيهم منتظر ابنى يخلص تدريب الكورال
وزادت الكثافة فى الاسبوع الاخير قبل الحفل
نفس الجو بالظبط مع اختلاف طبعا موضوع انفلونزا الخنازير

اللى وقفت عنده
هى التفاصيل الواضحة فى المشهد
اللى كنت بشوفها لكن مكنتش اقدر اكتبها بالقدرة دى

احييكى