Saturday, January 26, 2008

لقاء على القهوة

في آخر يوم لامتحان الشهادة الاعدادية و بعد انتهاء اللجنة تقابل كل من الاستاذ حسونه و الاستاذ حسنين في الطريق أثناء عودتهم الى منزل كل منهما و اتفقوا على ان يتقابلا مساء على القهوة ليتبادلوا اطراف الحديث و يلعبوا عشرتين طولة كنوع من الترفيه عن النفس بعد انتهاء الفصل الدراسي الاول بكل مشاكله و اجازاته الكثيرة التي جعلتهم و كأنهم في سباق بين محاولة انهاء المناهج الدراسية و الوقت الضيق نتيجه لسوء توزيع المناهج المكدسه في الفصل الدراسي الاول بالرغم من قصره و قلت الجزء المقرر في الفصل الدراسي الثاني بالرغم من طول فترته بسبب عدم وجود اعياد او اجازات كثيرة و طبعا منسقين المنهج لا يهتمون كثيرا باهمية استيعاب الطالب لما يقدم له من معلومات المهم انه يحفظها و يلقيها في ورقة الامتحان و ينتهي الامر عند هذه اللحظة و بعد ان اتفقا على اللقاء ذهب كل منهما لتناول الغذاء مع اسرته بعد انقضاء فترة طويلة من الوقت لم يتمكنا فيها من الاجتماع مع ابنائهما اثناء وجبة الغذاء حيث انهم اثناء العمل خلال فترة الدراسة ينتابهم شعور بانهم اجهزة تسجيل تدور داخل المسجل بدون وعي يدور حتى ينتهي الشريط ثم يعيد تشغيله من حصه الى اخرى ثم من مجموعة الى اخرى خلال سباق الدروس الخصوصية التي تعتصر قدرته كانسان له عقل لابد ان يطوره باستمرار و تقضي على قدرته على التفكير او الابداع فهو لا يستطيع ان يلتقط انفاسه للحظات يشعر فيها انه انسان فهو يتحول في هذه الفترة الى شريط يدور و يدور بلا توقف و يملاه الفزع ان يتوقف في اي لحظه هذا الشريط عن الدوران و يضيع معها قدرته على اعالة اسرته حيث ان مرتبه يدفع منه اجرة المنزل الذي ياويهم وينتهي بذلك المرتب بلا رجعه حتى نهاية الشهر المهم عند عودة الاستاذ حسونه الى المنزل بحث عن ولده الذي انهى امتحان الشهادة الاعدادية ايضا هذا اليوم ليطأن على ما فعل في الامتحان و كالمعتاد رد عليه ولده بلامبالاة الامتحان كان سهل فسأله يعني حليت كويس فرد الابن أيوه خلاص انا اخذت الاجازة مش عايز اسمع حاجه عن المدرسه و الامتحانات انا مستني اليوم ده علشان اللعب براحتي نظر اليه الاستاذ حسونه نظرت شك و قلق و بعدين قرر ان يترك الولد و لا يضغط عليه اكثر من هذا و ربنا يستر بقى على النتيجة وبعد تناول الغذاء مع اولاده دخل لينام قليلا ليستعد لفسحته الخاصه التي ينتظرها بفروغ صبر مثل ولده تماما و ربما اكثر ومساء قام و ارتدى ملابسه وذهب للقاء صديقه على القهوه عندما التقوا و بدأوا في التحاور دار بينهما حديث عما كان يحدث اثناء اللجان من مواقف طريفه و غريبه احيانا ثم استوقفهم ظاهرة الغش في اللجان التي اصبحت امر واقع فبدأ الاستاذ حسونه يحكي ان الاولاد يبدأون بمجرد استلام ورقة الاسئله في التحدث مع بعضهم و محاولة تبادل الاجابات و التناقش في مدى صحتها و طبعا مهما حاولت تهديدهم بإستخدام القلم الاحمر او سحب الورقة لا تجد منهم استجابه سوى بالصمت للحظات ثم يعودوا الى ما كانوا عليه سابقا فهم مدركين انه تهديد اجوف لن يأخذ طريقه الى التنفيذ ابدا وربما الامر كله لم يعد مهم بالنسبه لهم و ذكر الاستاذ حسونه كيف كان ينظر اليهم بدهشه و يتذكر كيف انه عندما كان في مثل عمرهم كان يتعامل مع محاولة سؤال زميله القريب منه على انها نوع من السرقة و ان هذا الامر كان يصيبه بارتباك شديد قد يصل الى حد الاستغناء عن معرفة اجابة السؤال و عند هذه اللحظه أوقفه الاستاذ حسنين ليحكي له عن الحوار الذي دار بين طالب في اللجنه التي كان يراقب فيها و بين المدرس الذي كان معه في نفس اللجنه حيث الطلبه لا يمتلكوا نفس القدر من الجرأة على التحدث مع بعضهم البعض اثناء اللجنه و ذلك لانها من المدارس الخاصة عالية المستوى و الوحيده في المنطقه التي يعملوا بها التي يطلق عليها المدرسة الدوليه حيث تتبع نظام تعليمي مختلف في كل المواد باستثناء اللغه العربية و الدراسات الاجتماعيه بعد مرور ساعه من اللجنه بدأ الاولاد في التململ و محاولة التحدث مع بعضهم و لكن بطريقه لطيفه لا تثير حفيذة المدرس المراقب في اللجنه حيث بدأ احد الطلبه في التحدث مع المدرس عن فوائد العمل الجماعي و انه اذا قام بحل ورقة الامتحان وحده أكيد سوف يحصل على درجه ضعيفه لكن إذا أشترك مع زملاءه في تبادل الاجابات بشكل جماعي أكيد كلهم سوف يحصلوا على درجات مرتفعه و قد اثارت هذه العبارة في المدرس الرغبه في الضحك لانها فكرة تستحق التفكير و تعطي فعلا نتائج افضل طبقا لنظم التعلم الحديثه و اراد ان يجيب الطالب بشكل دبلوماسي يحفظ هدوء اللجنه لان هذه هي وظيفته فقال للطالب عموما سوف اعرض اقتراحك على المسئولين و عند الموافقة سيسمح لك و لزملائك بتبادل المعلومات بشكل جماعي و عندها ضحك الطالب و قال بمنتهى البساطه اذن سوف ينتفع احفادي بهذا القرار و ليس انا عند سماعي هذا الحوار تزكرت كيف كنا نحلم بالمستقبل و نظن اننا سوف نهد الدنيا و نعيد بنائها كما نريد بحركه واحده من ايدينا بمجرد تفوقنا في الدراسه و الانتقال الى مرحلة الحياه العمليه بالجد و العمل البناء و كيف تهدمت هذه الاحلام الواحد تلو الاخر و لم يبقى سوى حلم الستر و المقدره على تربية الاولاد عند هذه اللحظه نظر كل من لااستاذ حسونه و الاستاذ حسنين الى بعضهم البعض و استغرقوا في حاله من الضحك الهستيري المشوب بالخوف ربما يصل الى حد الرعب و تساءلوا هل من الممكن ان يكونوا هم اكثر وعي و ادراك للواقع المحيط بنا كيف سيكون الغد عندما يتحملوا هؤلاء الطلبه مسئوليته ربما يستطيعوا ان يفعلوا بواقعيتهم الشديده ما لم نستطع نحن عمله بالاحلام

No comments: