Friday, May 29, 2009

في نهاية العام


في نهاية العام
إعتادت أن تعتبر نهاية العام الدراسي هو نهاية عام , و ان بدأ الاجازة الصيفية هي بداية عام جديد مختلف ,في هذه الفترة تبدأ حاله من القلق وخوف داخلي من عدم القدرة على ان تستوفي شروط الاستمتاع بحياه مؤجله معظم شهور السنه تدور فيها في فللك حياتها العملية المفروضه عليها كمدرسة تحمل على عاتقها مسئولية رعاية اطفالها الكاملة, فتكون حذره جدا في سبل التعامل مع صرف ما تتدخرمن مال لهذه الايام و بينما هي داخل دائرة قلقها الاعتيادية مر عليها تاكسي و ابطأ بعض الشيئ غير متخيل ان سيده مثلها ستستقل الاتوبيس الذي يجاوره في الطريق , فهي من محبى التأنق و الاعتناء بمظهرها غالبا , تبدو عليها بعض المظاهر التي توحي بأنها من ساكني الاحياء الراقيه كما يطلق عليهم, تشعر أحيانا بمتعة مشاهدة الصدمه التي تعتري سائق التاكسي عندما تصف له مكان سكنها في إحدى المناطق العشوائية, نفس الصدمه التي اصابة سائق التاكسي عندما وجدها تقفذ داخل الاتوبيس كمحترفي ارتياد المواصلات العامه.
عندما دخلت الى الاتوبيس و جدت مقعدا خالي من الركاب ذهبت اليه سريعا و بدأت رحلتها التي تتماوج ما بين السباحه داخل شطآن خيالها الوهمي الذي تغرق داخله كثيرا محدثه اشخاص ربما لهم وجود واقعي لكنها تتحدث معهم داخل خيالها , حتى انتزعتها من اوهامها صرخة الم , انتبهت محاوله معرفة ما يدور حولها كان طفل ربما عمره يقارب عمر احدى ابنائها يحمله ابيه على كتفه محاولا النهوض ليهبط الى المحطه التي يقصدها ,محاط بدعوات كل من في الاتوبيس (ان يهب الله ابنه الصحه و العافيه و الشفاء العاجل )انتبهت لحظتها انه على بعد خطوات منها طفل آخر شاحب ,يخرج انفاسه بصعوبه فدعته للجلوس الى جوارها .
بدأت تتجول بعينيها في وجوه البشر التي تحيط بها أشكال مختلفه من بشر تتباين فيها درجات التعاسه و العبوس تبحث بينهم عن ابتسامه حتى و ان كانت شاحبه ,لا تجد ! هل لديهم نفس المعانه التي تعانيها من حيوات و احلام مؤجله دائما الى اجل غير مسمى ؟, أم ان اسباب عبوسهم أقوى من أوهامها الخاصه؟ .
تتعمق أكثر في التجوال ,رجل عجوز يحفر الزمن خطوطه في وجهه بقوه و عنف , أمرأة تجلس منكمشه داخل طفليها المحاطين بها يعلو صراخهم و هي ذاهله عنهم سابحه في عالم يبدو من ملامح وجهها انه مؤلم , بينما في جانب أخر يجلس مجموعه من الشباب الصغير يتعالى صياحهم الهازئ بكل ما يدور حولهم ,يعلو من جهاز صغير بين ايديهم صوت الاغاني الصاخبهالتي يهون سماعها ,يتمايلون معها ,عندما تركز النظر في وجوههم تنتابك مشاعر الارتباك و عدم الفهم , ملامحهم تختلط فيها علامات الاستهتار الممزوجه بغضب مكبوت متحفز لاي محاوله للاعتراض من المحيطين بهم على ما يفعلون, ليبدأوا هجوم عشوائي متكاتفين مع بعضهم البعض للانتقام من المعترض.
اناس يمسكون بكتيبات صغيره يقرأونها و يرددون ما بها و كانهم آلات لا عقل لهم , آخرون يمسكون بجهاز المحمول يدورون فيه بأيديهم منعزلين عن ما يدور حولهم متوحدين معه و كأن العالم اختصر فيه , بشر كثير كل في عالمه , اتفقوا على شئ واحد لا يوجد فيه اختلاف العبوس , الاغتراب عن الحياه , الغياب التام للابتسامه .

8 comments:

العجوز والبحر said...

هو ذاته الاسلوب القصصى السهل فى البوستات السابقه،فتصل الفكره بسلاسه
واعجبنى تعبيرات الطفل الشاحب والعجوز المحفور وجهه وصدمة سائق التاكسى..و فى انتظار الجديد!!ا

Unknown said...

يسعدني جدا رايك و شكرا على اهتمامك

نقطة تحول said...

اعجبتني جدا عبارة الحياة والاحلام المؤجلة عبارة شديدة الواقعية.فكثيرون هم من يصبرون انفسهم بالاحلام وبالخيالات بعيدا عن قسوة الواقع. اعجبني ايضا الوصف الدقيق لاجواء الاتوبيس ولكل الركاب..
دام قلمك متالقا

Unknown said...

سعيده برايك و بزيارتك لمدونتي و اتمنى دوام التواصل

أسماء علي said...

و تظل الحياة تحمل بعبث هموم البشر
تلاطمهم في أمواج الإختناق
تناقضات صارخة
مشاعر متضاربة

كلها أشياء تدعو للإنفجار
مشهدك على الرغم من قصرهِ
لكنه تلخيص للحياة
كل يمشي في طريقه
بإرادته أو دون
بتفكير أو دون

لكن في النهاية العبوس سيد الموقف

و في مكان بعيد في شرفة بعيدة
تضحك الحياة بعبث على الجميع!!

....

و أنتظر البقية يا صديقتي الجميلة
:)

Unknown said...

نورت مدونتى يا سمسمه
ما احلى كلماتك اسعدتني جدا
احاول وصف ما حولي لكن طاقتي في المشاهده اكبر من طاقتي في تسجيل ما ارى

sab7al5air said...

ماشا الله علي الاسلوب المبدع اما انا فلم افق من احلامها الا علي صوت الصرخه بجد تحياتي علي الاسلوب المبدع و السلس
تقبلي مروري ووضعلي لمدوننتك في قائمة المتابعة

Unknown said...

مشهد روائي قصير بالغ العمق والواقعية
استثمار اليومي والبسيط والمألوف
التحول من الداخل نحو الخارج .. من تفاصيل الذات المؤرقة الى الآخر كموجود تفصلك عنه المسافات لكنه غير عابر في اطار من الفكرة-الوجع هو اكثر نقاطك السردية قوة وتميزا
تقبلي اعجابي