Sunday, May 17, 2009

وجه عاري لاول مره



جلست على سريرها الخاوي الا منها بين جدران حجرتها المغلقه على روحها المعلقه داخل هذه الجدران تتذكركما كانت سعيده في بداية الامر عندما اصبح لها سرير لا يحوي الا جسدها هي و حجره لا يوجد بها الا متعلقاتها وحدها لم تنعم بهذا طوال سنوات عمرها شاركت امها السرير في بداية عمرها و الزوج بعد ذلك حتى رحل تاركا لها حجره و سرير تنعم بهما وحدها , توقف سيل ذكرياتها امام عباره اطلقها هذا العابر المؤلم اثناء لقاء من لقائتهم القصيره المبتوره ,عندما كان يروي تجربة سفره بعيدا عن زوجته ,حيث اعتاد رغم انه نائم وحده ان يترك نصف السرير خاوي, تذكرت لحظتها ان سعادتها بامتلاك سرير وحدها بلا شريك كان وهم فما زالت لا تشغل الا نصفه و يبقى دائما نصف سرير خاوي.
نفضت رأسها بقوه لماذا يلح عليها بعباراته؟ لما يعود كطيف يخالط ذكرياتها؟ الم يقرر الرحيل و اصر على ذلك, الم يسقط اخر قناع احتفظت به لوجهها تلك الابتسامه الوهميه , تهز راسها ساخره من البشر (ما احلى تلك الابتسامه الصافيه الملائكيه كيف تحتفظين بملامح و نظرة طفله بريئه ), تسأل نفسها هل كنت طفله يوما ما! تعود لذكرياتها مره اخرى, تتذكر يوم ان كانت أمها تجلسها الى جوارها و تبدأ في حديث طويل لا تمل من تكراره امامنا طريق طويل, العالم قاسي لا يرحم ليس معنا احد سوى الله..... ان تعثرنا لن يمد لنا احد يده ليقينا عثراتنا , شهادتك سلاحك ضد غدر الزمن...... خوف لا حدود له ,غربه, عزله ظلت امها طوال سنوات عمرها الاولى تبث داخلها تلك العبارات التى تملأ قلبها الصغير رعبا لا احد معنا, لن يرحمنا احد اذا توقفنا للحظات نلتقط انفاسنا, لهاث دائم سياط تلهب ظهرها لتظل تجري و تجري لا نجاه لها اذا توقفت لحظه.
كانت تستيقظ من نومها فزعه فزع صامت, كم تمنت ان تصرخ مره واحده في حياتها لكنها لم تكن تفعل امام طوفان الرعب التي تصبه امها في قلبها سوى تلك الابتسامه الهادئه .
تتوقف ذكرياتها امام ابتسامه مماثله رأت ارتعاشة التوتر فيها ارادت ان تخبره انه يمتلك نفس الابتسامه المتوتره , ارادت ان تسأله لماذا؟! هل رحل ابيك انت ايضا و ترك لك اما مرتعبه تصب رعبها في قلبك ليل نهار, لكنه كان كطيف يظهر و يختفي دون ابداء اسباب.
تعود لتسأل نفسها هل هي انسانه؟ ,هل يحق لها ان تتألم مثل باقي البشر! لما يعاملها الجميع على انها قطعه من صخر لا تلين و ان الالم ليس من احدى حقوقها يكفيها من العالم تلك الابتسامه الهادئه !
اخبرتها أمها يوما ان ابيها لم يكن يخرج صباحا الى عمله دون ان يرى ضي عينيها, لم رحل اذا؟ مازالت تملك نفس العينين ! تنقبض من تلك العباره (على فكره عينك حلوه فيها ضى و لمعان جميل ) مازالت عينها تبعث نفس الضي اذا, لم تركها و رحل؟ هل وجد عينان اكثر اضاءه يطالعانه صباحا عوضا عنها!
أسأل كثيره تدور داخل رأسها تكاد ان تعصف بها , لما لم يعد؟ لما فر بعيدا عنها؟ ما الذي حدث اثناء غفلة عمرها الطفولي؟ انتظرته طويلا لكنه ابدا لم يعد!!!!
اشاروا لها ناحية سرير صغير في حجره داخل مستشفى يرقد عليه كهل يحتضر هذا ابيك اقتربي قبليه , ارتعشت مازالت السياط تلهب ظهرها مازالت انفاسها متقطعه من الجري.
اخبرها ذلك الطيف انها تفجر داخله مشاعر الابوه ,اختفى العالم من حولها لحظات راحل هو لا محاله ,الاباء دائما يرحلون ورحل .
صخب هائل داخلها لا يسمعه غيرها متى يصمت او تنفجر فيسمع العالم كله ضجيجها؟ ...... سمعه ذلك الطيف لكنه لم يعره انتباها أدار وجهه و اصر على الرحيل!
مازالت مطرقه الرأس دون تلك الابتسامه لم يعد هناك داعى لها فلتسقط تاركه وجهها عاري تماما لاول مره
.

4 comments:

محمد عبدالعليم مصطفي said...

الأخت الفاضلة كلامك جميل وتعبيرك أكثر من رائع أرجو التواصل معك ولكنني أريد أن أعرف الكثير عنك مؤهلك وظيفتك حياتك وهكذا ...لكي تحياتي

العجوز والبحر said...

اول مره ازور المدونه
هذا الاسلوب القصصى السهل والذى يوصل للمعنى بسلاسه و يسر هو ما يميز كتاباتك واتمنى دوام الكتابه..وشكراا

Unknown said...

اشكرك على الزياره اتمنى دوام التواصل
يسعدني رأيك جدا

Unknown said...

وجه عار لاول مرة ..
عندما تهرب من الملامح ابتسامات محايدة وملامح نجتهد طويلا في تصديرها للآخرين كقناع حضاري لبق
عندما نختار فجأة الصدق .. حتى وان كان مرادفا للألم
كم تعني الذكريات بوعي المرأة-الطفلة .. وكم تستحيل عودة
وماذا يخلف ورائهم الراحلين سوى حرائق سريّة ووعود كثيرة على الذات تعلم جيدا انها لن تتحقق
الأب-الحبيب-الأمان .. ثالوث مقدس واقانيم ثلاثة تترادف حينا وتشتبك احيانا ولكنها دوما تصارع غربة ووحشة داخلية أبدية لا يطفئها سوى المستحيل

قصة جميلة في حزنها الهاديء اجدتي فيه استخدام الضمير السردي المتكلم وايجاد مناطق مقنعة للنفاذ من الحاضر للماضي والعكس
تحياتي لك