Friday, January 1, 2010

حلم الحياه




حلم الحياة

صوت ميكرفون المدرسة يعلو بأسمى حاملا معه نسمات ريح غير طيبة لصوت مشرف المادة الرتيب , اعتدت أن أتجاهل نداءه و أعتاد أن يعيد تكرار النداء دون ملل , أضطر أن أجيبه لأوقف نزيف ضوضاء ندائه الذي لا ينتهي .
أصرخ من الدور العلوي حيث تقبع فصولي التي اسكن إلى جوارها متناغمة مع نسمات بناتي الصغيرات , محاولة إغفال كل ما يدور حولي عداهن : ماذا تريد ؟
اهبطي  للحظة ؟ أتأفف في ضجر و أهبط لأرى ماذا يريد ؟
عند وصولي إليه في فناء المدرسة يكن وجهي يحمل تساءل صامت ؟
يبادرني بطلبه : عايز عشرة جنيهات لعمل وسائل تعليمية تحتاجها المدرسة
أعود فأسأل اليس هناك ميزانية بالمدرسة لعمل تلك الوسائل؟
يتململ في وقفته : يا أستاذة  كبري دماغك المدرسة دي مكان أكل عيشنا و لازم نحافظ عليه
أنا في برود ظاهري: مش فاهمة , ماذا تعني ؟
مستمرا في ضجره و تململه :-  أنت تفهمي جيدا ماذا أعني كفاك جدالا جميع زملائك دفعوا المبلغ في صمت
تجتاحني حالة من الانقباض و الرغبة الملحة في العناد المختلطة بالغضب المكبوت ,
: أنا بقى لن أدفع فليس لي عيشا آكله في هذه المدرسة بخلاف مرتبي الذي أتقاضيه و ليس من ضمن بنوده  المساهمة في تكلفة الوسائل التعليمية التي على حد علمي أن دوري الوحيد فيها هو الإشراف على الطالبات أثناء تصميمهن لها بأيديهن و تحت ملاحظاتي .
يبدي غضب ظاهري  : لا فائدة فيك عموما , أنت حره سأبلغ مديرة  المدرسة و تصرفي أنت معها .
حينها لم أمتلك سوى ان رفع  كتفي مدعية أن الأمر لا يعنيني , بينما شعور بالقلق يملأني ,حيث أن هذا نذير ببدأ حرب جديدة في هذه المدرسة التي لا تنتهي معاركها الوهمية بعيدا عن دور أساسي خلت يوما أنه دوري الذي سوف ألعبه بها و هو معلمة داخل مؤسسة تعليمية .

حركة عشوائية غير منتظمة شعور بإرهاق شديد بلا مجهود حقيقي , أحاديث جوفاء تدور في دوائر مغلقة يقطع سيلها الممل الصاخب نداء جديد و كأن العالم فرغ إلا منى فأصبح أسمي هو نقطة الارتكاز الذي يدور بعيدا عنها عالم رحب ليطبق عليها هذا العالم القبيح الذي أختلت فيه كل المفاهيم لحد الشعور برغبة حقيقية في أن تكون أبله تسير في ركب هذا القطيع مغيب العقل و الرغبة في الحلم و ربما الرغبة في الحياة من الأساس .
أعود بملل حقيقي للإجابة على هذا النداء التالي الذي  يأتي من حجرة مديرة المدرسة الذي يبدأ عندها كل النهايات , و بنفس الضجر و التثاقل المختلط بعناد وحيد بلا نصير,  أذهب لأكرر نفس عباراتي التي سأمت من تكرارها لتقابلني بتلك ألابتسامه الباهتة ,  فتقلب في رأسي كل المعاني
المديرة : ازيك يا بنت يا نرفوزة انت , أغتصب من روحي  ضحكة زائفة بلا إجابة
تعيد علي نفس السؤال مش عايزة تشارك المدرسة في أنشطتها  ليه
أرد على سؤالها بروح ضجرة:-  هل كلفت بعمل و لم أقم به ؟
الأستاذ المشرف يشتكي منك كثيرا !
أسألها بصراحة دون مواربة:  هل المساهمة المالية المطلوبة لعمل تلك اللوحات المسماة بوسائل تعليمية مقابل التغاضي عن فعل الدروس الخصوصية الذي يرتكبه معظمنا في هذه المدرسة
يختلط عليها الأمر و لا تجد إجابة سريعة ,  ثم يشع من عينيها بريق من أكتشف حلا : طيب لو أنت معك باكو بسكوت و أعطيتني  واحده منه هل معنى ذلك أني أجبرك على هذا ؟ الست تدفعي مع زملائك لشراء طعام دون اعتراض ؟  مش ممكن تدعوني لمشاركتك في هذا الطعام ؟!!!
 تبدو الحيرة و البلاهة على وجهي و لا أجد الكلمات فقد ضاعت كلها في سلسلة من التبريرات الوهمية للسير الدائم إلى حافة هاوية تفتح لنا جميعا فمها بنهم مخيف  .
 تكمل حديثها : هذا ما نريده منك فقط المشاركة الودية بينك و بين المدرسة , لا أحد يجبرك على شئ ,  فقط لا نريد منك سوى المودة , لا تثيري غضب زملائك عليك  فلن يبقى بينك و بينهم  في النهاية سوى المودة .
أشتم رائحة تهديد محلاه  بالعسل  , غثيان لا ينتهي ,  كلمات مبعثرة  , عبارات تائهة , طريق ضائع مبهم .
  وحدي أطنطن عما هو مفروض أن يكون  وحدي أعزف نغمة شاردة يأبى أن يسمعها أحد , أدير وجهي متوجهة إلى الخارج على أجد هواء أملأ به رئتي المختنقتين  .
وسط شرود لا أجد سبيلا للخروج منه أرتقي درجات السلم , تتراءى لي صورتي و أنا أقرأ بنهم الكتب الخاصة بعلوم التربية في سنوات دراستي بالكلية حالمة أني سوف أطبق كل ما فيها فور تخرجي و أعيد إلى عقلي صورتي و أنا أحمل كتب تكنولوجيا التعليم أثناء دراستي في معهد البحوث التربوية و كيف أن جزء الوسائل التعليمية كان يفرد له الصفحات الطويلة لشرح أنواعها الكثيرة المتشعبة التي من الممكن ان تكون خامات بسيطة من البيئة , يشكلها الطالب بيده لتربطه  أكثر بالمعلومة و تعوده الاتصال بالبيئة والمجتمع المحيط به فلا ينمو لديه هدا الشعور القائم بأن المدرسة كيان مقبض معزول عن كل ما حوله , أعود فأتذكر  كيف أنه كان هناك فصل طويل يشرح ضرورة وجود مسئول عن هذا الفرع من تكنولوجيا التعليم قائم بالمدرسة و أن دوره الأساسي تشكيل لجنة من الإدارة و المعلم و المتعلم و ولي الأمر لمناقشة نوعية الوسائل التعليمية المناسبة لميزانية المدرسة و احتياجات المتعلم و احتياجات المجتمع المحيط به,  ضحكة ساخرة تنمو بين شفتي , كل هذا أختصر  في مجرد لوحات كبيرة ملونة تعلق على حوائط المدرسة الخارجية بفجاجة راقصة في فرح بلدي ترتدي من الترتر اللامع و الألوان المزركشة , ما يلفت الأنظار إلى مفاتنها و يبعدهم عن فكرة إن كانت ترقص حقا أم تتلوى  ,أفيق من شرودي  لأجد بوابة الفصل أمامي أزيحها محملة بأريج أمل  يعبق روحي و يأبى أن  ينقطع رغم كل ما يدور حولي من صخب.
 تتجمع بناتي الصغيرات حولي في حفاوة تجذبني عنوة تجاههن  , أبدأ في التناغم معهن محاولة إضاءة شمعة الحياة التي يحاول الجميع إطفائها .
 تقف أسراء تلك الفتاه الحالمة لتسأل ببراءة تكفي العالم و ربما تفيض , ما  الذي يمكن دراسته لأصبح رائدة فضاء ؟ تختطفني عبارتها من دائرة غثياني الدائم   , أجيبها ضاحكة : و لماذا تريدين أن تكوني رائدة فضاء؟
 تجيب بطفولتها المحببة : لأطير في فضاء رحب لا نهاية له
 تتعالى ضحكاتي و أنا أجيبها
:دعيني  أفكر قليلا  ........... لتطيري في فضاء رحب بلا أسوار , ليس عليك سوى أن
تفردي  أجنحتك المطوية  , ترفرفي شاخصة ببصرك للإمام دائما , فخلفك  يقبع عالم قبيح  .

21 comments:

السر said...

حكاية دفع المال للمشاركة في الإنشطة المدرسية أو أي أنشطة أخرى المفروض أن تكون بدعم من التربية والتعليم ولها صندوق خاص لمثل هذه المناسبات

لكن إللى يعطونا هو باليمين عايزين يخدوا بالشمال!!

والبنت إللى راح تطلع رائدة فضاء خيالها جدا واسع وعالمها أوسع وما في شيء مستحيل

تحياتي لك

Unknown said...

تحياتي لك
في كتير خيالهم و احلامهم واسعة و كبيره بس مين الى بيسمعهم و بيحس بيهم في دايرة الاستغلال و الفساد و محاولة سرقة جيوب بعضنا البعض

سهيل ولى الدين علام said...

مليكه
جميله جدا ،وانا اشعر انك تكتبين مذكراتك عن شخصيات تتعاملين معها
فهذا المشرف اللزج ،وهذه السيده التى ترأس المدرسه وتهدد بكلمات غير صريحه اشعر انك تقرأيها فى الواقع ثم تنقليها للمدونه ..تنقلينهاشخصيات حيه نشاركك فى كراهيتك لهذه النمازج وهذه قمة الابداع ..اى انكى نجحتى فى ان تجعلينا ننحاز لجانبك..اكتبى واكتبى يا عزيزتى فكلماتك تؤثر فينا ..ة

Unknown said...

سهيل و هل هناك اكثر الما من الواقع القبيح الذي نحيا فيه احاول جاهده ان اعريه ليراه الجميع قدر أستطاعتي لوصفه
تحياتي لك على تشجيعك لي لا استمر في أخراج لقبح الذي يحاولون ان يوقعون معهم فيه

karim said...

اسهل شىء يصل معناة للانسان الكلام البسيط و الواقعى , تحياتى

Desert cat said...

اول ما دخلت المدرسة كنت متحيله انى هشوف داخل اسوارها ناس مختلفة بسبب اسم وزارة التربية والتعليم
ولكن كنت كل لما اكبر سنة واكتشف زيف المدرسين والمديرة قبلهم كنت احس انى كنت بكدب على نفسى
تحياتى لصمودك فى دافعم عن الحق وكل محبتى ليكى مليكة
كل سنة وانتى واسرتك وكل احبائك بالف خير

Unknown said...

كريم تحياتي لك
مع تمنياتي بدوام التواصل
الحقيقة هي ابسط ما في الوجود و يكفي طرحها ليراها الناس أملا في حقائق افضل

Unknown said...

قطة كل سنة و انت طيبة و سنة جديدة سعيدة عليك
المدرسة سجن غير يعدنا للسجن الاكبر و هو مجتمعنا بكل ما فيه من تناقضات فاسدة تحتاج ان تختفي نرجوا ان يأتي هذا اليوم

زهرة البنفسج said...

كل عام و انت بخير مليكة ، معلش تهنئتي اجت متاخرة شوية

بالنسبة لموضوعك ، حكومات نصابة سواء عندنا و الا عندكم ، و بطلعونا بالاخر شحادين على ابواب الحكومة

مشكورة على موضوعك و بتمنالك التوفيق بعملك
و بتمنى تقبلني ضيفة خفيفة الظل بصفحتك

مع اطيب تحية

Unknown said...

اهلا بك متمرده في صفحتى مع دوام التواصل علنا نجد يوما الطريق في عالم يسوده القبح و الفساد
كل عام و انت دائما طيبة و متمردة

Sahran said...

مرحبا malika

يبدو أنك محاطة بمجموعة من الأشخاص لا تحسدي عليهم أبداً , أو على الأقل فأنا أتكلم عن أولئك الذين دائما ما يظهروا لك جهلهم ووقاحتهم.
أنا بصراحة ماعمل في مجال التعليم , وأشكر عقلي الذي هداني للإبتعاد عن هذه المهنة المتعبة والمثيرة للغضب لدي , فالتعليم أصبح في الدرك الأسفل في قائمة اهتمامات أنظمتنا العتية , وأنا لست من الناس الذين يتحملون هذا الوضع
بأتمنى لك التوفيق في عملك , وكل عام وإنتي بخير


تحياااااااااااااتي لك


ودمت سالمة

هيثم said...

اول مره ازورك جميله مدونتك
وقصصك اقعيه

Unknown said...

هل سيقدر لأسراء
ان تطير الى الفضاء
كما تريد أم ستخنقها
رتابة وتخلف نظام تعليمى
لا يعطى الطالب ما يحتاجه للفكر
الحر والابداع والخلق حتى يتطور ويطور
نفسه معه!

Unknown said...

كيف حالك يامليكه
بقى لى شوية لم أت
الى هنا!

Unknown said...

لا أحد يجبرك على شئ
فقط لا نريد منك
سوى المودة لا تثيري
غضب زملائك عليك
فلن يبقى
بينك و بينهم
في النهاية
سوى المودة
وكأنى أسمع
صوت (كثيرات)من المنافقات فى كل مصلحة حكومية لا تريد الا الوظيفة والمرتب أخر الشهر بدون عمل ولا تعب.

Unknown said...

سهران لك الحق في الابتعاد عن مجال التعليم الموبوء في بلدنا التي يعمها الفساد من كل جانب لكن و لحظي العسر اعشق معنة التدريس و كانت لي الكثير من الاحلام تجاهه و برغم كل شئ بليت بأستمرار الامل عله يوما يتحقق بأيدي كل من يريد الحياه لازهار صغير لم ترتك سوى خطأ وجودها في هذا العالم
تحياتي لك و دمت سالما

Unknown said...

هيثم شكرا على الزياره مع تمنياتي بدوام التواصل
تحياتي لك

Unknown said...

نور حياتي كيف حالك أفتقدت وجودك و اتمنى رؤيتك و التواصل معك دائما
اتساءل معك و كلي أمل ان تستطيع اسراء و كل من في مثل عمرها كسر سور المدرسة القبيح و التحليق بعيدا عنه و عن طوفان النفاق و القبح الذي يسود عالمنا الذي نحيا فيه و نتنفس هواءه الملوث
تحياتي لك و مودتى دمتى سالمه
الى لقاء دائم ان شاء الله

حاتم السروى said...

اسراء ستطير وتصبح رائدة فضاء وتجقق
حلمها وانتى ستطيرى من المدرسه ومع اسفى البالغ هكذا مجتمعنا المتخلف وقلبى معك ..

Unknown said...

نحللم بمدرسة بلا اسوار تساعدنا على الطيران و التحليق في فضاء رحب
شكرا على مرورك على مدونتي مع تمنياتي بدوام التواصل

Ahmed Fayez said...


حالياً أصبح الخطأ هو المفروض و الصواب أمر غريب يستوجب التوبيخ

حاولي تكوني الصح و طنشي بتوع الغلط